23 ديسمبر، 2024 2:32 ص

رمتني بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ،سلاح المُفلسين لتصفية خصومهم

رمتني بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ،سلاح المُفلسين لتصفية خصومهم

من الأمثال العربية المعروفة قولهم : رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ ، وهو مثل يضرب لمن يعير غيره بعيب هو فيه، فيلقي عيبه على الناس ويتهمهم به، ويُخرج نفسه من الموضوع،
يعرف علماء النفس والاجتماع هذا السلوك بالإسقاط النفسي وهو حيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ورغباته المحرمة والعدوانية للناس حتى يبرأ نفسه ويبعد الشبهات عنها، وهذا النوع من الحيل يمارسه الفرد الذي يشعر بحالة النقص الحاد في السلوكيات الحميدة وطغيان السلوكيات السيئة، ومن من مظاهر الإسقاط النفسي تصفية الحسابات والإقصاء والاستبعاد والتهميش وإلغاء الأخر، ويسعى من يمارس هذه الظاهرة الشاذة إلى أن يجعل له كبش فداء يوجه سهامه نحوه لأبعاد التهمة عن نفسه…
من يطلع على تاريخ ابن تيمية وأتباعه يجد وبكل وضوح أنهم من مصاديق المثل المذكور وأنهم يجيدون ممارسة الإسقاط النفسي كونهم يتهمون الآخرين بأمور تنطبق عليهم….
فمثلا لطالما اتهم ابن تيمية وأتباعه المنحلين الزنادقة كما يصفهم الذهبي، الآخرين بالعمالة والتعاون مع الغزاة، بيد أن الحقيقة التي ينقلها لنا ابن الأثير في كتابه الكامل في التأريخ أن خلفاء وأئمة وسلاطين وقادة التميمة هم من أجاد حرفة العمالة والتعاون مع الغزاة وتمكينهم من بلاد الإسلام وتسليمها لهم والشواهد كثيرة وهنا نذكر شاهدا من الشواهد التي كشف عنها المحقق المهندس ،، ينقله ابن الأثير:
‏سنة (624هـ)]: [ذِكْرُ دُخُولِ الْكُرْجِ مَدِينَةَ تِفْلِيسَ وَإِحْرَاقِهَا]:‏
أ ـ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَصَلَ الْكُرْجُ مَدِينَةَ تِفْلِيسَ، وَلَمْ يَكُنْ بِهَا مِنَ ‏الْعَسْكَرِ الْإِسْلَامِيِّ مَنْ يَقُومُ بِحِمَايَتِهَا، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ جَلَالَ الدِّينِ لَمَّا عَادَ مِنْ خِلَاطَ، ‏كَمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ، وَأَوْقَعَ بِالْإِيوَانِيَّةِ، فَرَّقَ عَسَاكِرَهُ إِلَى الْمَوَاضِعِ الْحَارَّةِ الْكَثِيرَةِ الْمَرْعَى، ‏لِيُشَتُّوا بِهَا. ‏
ب ـ وَكَانَ عَسْكَرُهُ قَدْ أَسَاؤوا السِّيرَةَ فِي رَعِيَّةِ تِفْلِيسَ، وَهُمْ مُسْلِمُونَ، وَعَسَفُوهُمْ، ‏فَكَاتَبُوا الْكُرْجَ يَسْتَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِمْ لِيُمَلِّكُوهُمُ الْبَلَدَ. ‏
وعلى اثر ذلك أكد المحقق الأستاذ ازدواجية المقاييس في منهج ابن تيمية قائلا: ((مسلمون بعلمائهم ورموزهم وقادتهم قد كاتبوا الكُرج الكفّار واستدعوهم لغزو ‏بلادهم، بل سلّموها لهم وملّكوها لهم!!!…،، وحسب مقاييس المدلِّسة ومنهج ابن تيمية، لا ‏يُعتَبر ذلك الفعل خيانة وعمالة وعلقميّة، بل هو عمل مُبَرَّر لأنّ عسكر جلال الدين قد ‏أساؤوا لأهل مدينة تِفليس!!!))، وغيرها الكثير من التهم التي يسوقها ابن تيمية ويلصقها بكل من لا يؤمن بعقيدته التكفيرية الإقصائية القمعية الساديَّة…
رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ،ومنهج الإسقاط النفسي، سلاح يستخدمه المفلسون والفاشلون والمتسلطون في كل زمان ومكان لإسقاط خصومهم، وكل من لا ينبطح لهم ويرفض مخططاتهم وأجنداتهم التي لا تخدم إلا مصالحهم ومصالح أسيادهم، ولذلك نجد المصلحين الأحرار تحت مرمى سهام الممتهنين لحرفة الإسقاط النفسي فنجد التهم تنهال عليهم كالمطر من أجل إسقاطهم وإبعاد القواعد الشعبية عنهم في حين أن تلك التهمة ثابتة على من يلصقها بهم!!!، كما حصل ويحصل في العراق…
وصدق المثل القائل: رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ،