اتذكر جيدا خريف عام 2013 حيث شاركت في التظاهرات المطالبة بحقوق الشعب, كانت تظاهرات عفوية لم تنظمها جهة سياسية, بل خرجت الناس من حجم الضيم والقهر الكبير الذي تعيشه, وكل مواطن يحمل مطالبه, فهذا الخريج العاطل الذي يطالب بعمل, وذلك العجوز الذي كتب لافته كبيرة يطالب بتوفير العلاج المجاني لكبار السن, وتلك المرأة مع صديقاتها يحملن اعلام العراق ويطالبن بتعديل نظام الحكم الى رئاسي, ومازال في ذاكرتي كلام رجل خمسيني قال لي: ” انها ثورة جماهيرية وليست مجرد تظاهرات, لكن لم تصمد امام نفاق الاحزاب التي ستركب الموجه وستاتي هنا غدا”.
لم تمر أسابيع طويلة الا ودخلت احزاب السلطة على الخط, وتحول مسار التظاهرات الى ما ينفع الاحزاب المتنافسة!
كانت حسرتي كبيرة على اجتياح النفاق لساحات التظاهر, وقررنا انا واصدقائي ان نتوقف عن المشاركة, لأنها اصبحت تظاهرات لخدمة جهات معينة, تنطق بفكرة الرمز الاوحد وما يشتهيه, ولنفهم لاحقا اللعبة الخبيثة في تبادل الضغط لتعظيم المكاسب.
اصبحت ساحات التظاهر في بغداد عبارة عن صورة بائسة لا تعبر عن مطالب الجماهير, انما تعبر عن مطالب قادة الكيانات السياسية!
دعني احدثكم عن مخاوفي الان في عامنا الحالي (2019), فهناك من يسعى لتسخير الساحات لمنافعه السياسية, مستفيدا من تجربة من سبقه من الاحزاب, حيث اعطى لنفسه المبرر للاستيلاء على الساحات, هكذا قررت الصنمية السياسية, وسيلبي عبيد الاصنام مسرعين للسطو على تلك الساحات, وسيعمل على صبغها بلون حزبه, في مزايدة سياسية واضحه, والاهداف كثيرة التي يسعى لتحقيقها, فمنها تسقيط زملائهم في الفساد, ومنها لبس ثوب النزاهة والشرف, ومنها انهم الوحيدين المطالبين بحق الشعب المظلوم, ومنها تسفيه وعي الامة, ومنها اشاعة ثقافة العبودية للأسياد.
ختاما: رهاني يبقى على وعي الامة, في ان تفهم مكر الساسة وبحثهم الدائم على اقامة اعراس للأصنام, وابرازها وتعظيمها حتى على جروح الوطن والشعب, ذلك الوعي الذي ننتظره ان يعري جهود اقطاب الفساد في العراق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ