كل متتبع يلاحظ بلا شك ان أغلب المسؤولين في الدول التى لا تنتمي لما يسمى بـ ( العالم الثالث ) يستخدمون أسلوب المختصر المفيد في خطاباتهم وغالباً تكون معدة ومدروسة بشكل علمي ومنطقي وواقعي من قبل مستشارين مختصين سواءاً في اللغة أوعلم النفس أوالسياسة والاقتصاد وغيرها ، لإدراكهم أهمية الوقت الذي يستغرقه المتلقي إصغاءاً وتركيزاً واستيعاباً ، وحساب التأثير الدقيق لكل كلمة من كلمات الخطاب على أوضاع الجمهور المستهدف لضمان التفاعل الإيجابي ورد الفعل المناسب والمرتقب ..
أما في بلادنا مع الأسف ، فالكل يعتبر نفسه خطيباً مفوهاً و لبيباً وفطحلاُ ، وفارساً أوحداً لا يشق له غبار فيبدأ خطابه الرنان من آناء الليل حتى أطراف النهار ، بكلام يشبه رشق السهام ، لينتهي برمي المشاعل بمنجنيق نرجسيته فيشعل من حوله الحرائق في مزارع الآخرين وربما مزرعته ، بخطبة نارية وتوجهات نازية ، دون أدنى حساب لتأثيرات حديثه على مجمل اوضاع بلده ومصلحة شعبه ، ودونما مراعاة لردود أفعال اشقائه واصدقائه وجيرته ..
بالله عليكم سادتي أتقوا الله وقولوا كلمة حق طيبة فانها صدقة ، وارحموا البلاد والعباد ، وتأنّوا وأحسنوا اختيار مفردات كلماتكم ، لتكون بناءة وايجابية ، وتجنبوا العبارات الهدامة والجارحة ، واستشيروا ( فما خاب من استشار ) ، لنجني ورداً وريحان ، وسلاماً وأمان ، بدلا عن أشواك التوتر والقطيعة وسهام الحقد الوضيعة..
وليس عيبا يا أصحاب الفخامة والمعالي أو انتقاصاً من كُرْسيِّكُمُ الغالي اعتراف اي منكم بخطأه فهو فضيلة تحسب لكم لا عليكم ، وعليكم النظر باهتمام بالغ لأكُفٍّ لم تصفق لكم ، ولا تأخذكم نشوة ضجيج المصفقين والمعسول من كلمات المادحين والمتملقين ..
وسلام الله عليك يا أمير المؤمنين وأنت القائل : ( يا ليت رقبتي كرقبة البعير ..) في إشارة منه الى التأني في الكلام وتدبَره قبل اطلاقه على عواهنه .