الاحداث والتطورات التي جرت خلال العام الماضي والاشهر القليلة الماضية ولاسيما في العراق ولبنان خصوصا وبقية بلدان المنطقة والتي عکست التأثيرات السلبية للتدخلات المختلفة للنظام الايراني في هذه البلدان، فإنها جسدت بأن هناك حالة رفض غير إعتيادية ضد هذه التدخلات خصوصا وإن الرفض صار يشمل أيضا الاوساط الشيعية التي طالما تباهت طهران بکونها ممثلة عنهم وتعبر عن أمانيهم وطموحاتهم وإن إنتفاضتين في العراق ولبنان قد أثبتتا ذلك بوضوح، التدخلات التي صارت تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والامنية والفکرية والاجتماعية، لم يعد هناك من يتحمس لها ويرحب بها بل صار هناك إتجاه داخل بلدان المنطقة والعالم إتجاه واضح يٶکد على ضرورة إنهاء هذه التدخلات والقضاء على نفوذ النظام الايراني في المنطقة.
لکن الذي صار واضحا ومعلوما، إن هناك ليس عدم تقبل وإقتناع بالتدخلات الايرانية في دول المنطقة فقط وانما هناك أيضا من يرفضها رفضا مطلقا، ولاسيما بعد أن تداعت عنها الکثير من الآثار والنتائج السلبية المتباينة، بل وإن هناك ليس تشکيك کامل بالاساس الديني الذي يسوغ هذه التدخلات بل وحتى التشکيك في الاساس الديني للنظام نفسه خصوصا بعد أن صار واضحا بأنه يقوم بتوظيف العامل الديني من أجل تحقيق أهداف سياسية خاصة، خصوصا بعد ماقد بدر عن رجال دين تابعين للنظام أثناء أزمة وباء کورونا الحالية وقيامهم بتوزيع مواد وأمور على المصابين بزعم إنها شافية لهم کما کانوا يرسلون الناس للجبهات بزم إنهم يذهبون للجنة وإنها في إنتظارهم!
الحديث عن العامل والاصل الديني وإستخدامه وتوظيفه من قبل النظام الايراني لتحقيق أهداف وغايات خاصة، صار کثر وضوحا عندما تم إستخدامه ضد الشعب الايراني وقواه الوطنية و وصل الى حد تم فيه إعتبار کل مواطن إيراني يعارض هذا النظام أو يسعى للقيام بنشاطات خارج دائرة قوانينه وأنظمته، بأنه محارب ضد الله ويجب إنهاء حياته، ولعل الفتوى التي أصدرها خميني في صيف عام 1988 والقاضية بإعدام أکثر من 30 ألف سجين سياسي کانوا يقضون فترات محکومياتهم لمجرد کونهم أعضاء أو أنصار لمنظمة مجاهدي خلق، جسدت ذروة إستخدام الدين لأغراض وإعتبارات سياسية، علما بأن هذه الفتوى قد عارضها رجال من داخل النظام بإعتباره قد تمادى و بالغ کثيرا ليس في قسوته ووحشيته وانما في خروجه على الاسس والمباني الشرعية للإسلام ذاته.
القسوة المفرطة التي إستخدمها ويستخدمها هذا النظام ضد الشعب الايراني من خلال توظيف الدين، کانت في الاساس من أجل تهيأة الارضية لتنفيذ مخططاته المختلفة وفي مقدمتها تصدير التطرف والارهاب والتدخلات في الشٶون الداخلية لدول المنطقة، وهذه الحقيقة توضحت خلال الاعوام الى أبعد حد خصوصا بعد الانتفاضات الاربعة التي قام بها هذا الشعب الايراني ضد النظام، والتي ردد فيها شعارات رافضة للتدخلات في المنطقة، ولاريب من إن هناك علاقة جدلية بين قمع الشعب الايراني وبين التدخلات في المنطقة ولايمکن للنظام التخلي عن أي واحد منهما لأن ذلك سيٶدي في النتيجة الى تقويض حکمه وبدء العد التنازلي لنهايته الحتمية.
التدخلات الايرانية في بلدان المنطقة والتي يسعى ليس النظام وانما عملائه أيضا لتبريرها ومنحها بعدا دينيا، تتزامن معها مساعي للنظام وعملائه بتکفير أي نوع من أنواع الدعم للنضال الذي يخوضه الشعب الايراني والمقاومة الايرانية من أجل الحرية، خصوصا وإن معارضة الشعب الايراني ورفضه لهذا النظام وتمنيه زواله وسقوطه، قد صار معلوما للقاصي قبل الداني، وإن أي دعم او مساندة للشعب والمقاومة الايرانية من شأنه أن يکون في المستقبل عاملا لضمان سلام وأمن وإستقرار حقيقي في المنطقة، ولذلك فإنه من الضروري والواجب التفکير بتفعيل قضية دعم ومساندة نضال الشعب الايراني وقواه الوطنية خصوصا بعد أن صارت النشاطات والتحرکات الاحتجاجية ضد النظام کظاهرة تفرض نفسها على المشهد الايراني بقوة ولاسيما في ظل أزمة کورونا وتورط النظام بالتستر عليها والاثار والتداعيات السلبية لذلك، وإن هذا الامر بحد ذاته يدل على الماهية والمعدن الاجرامي لهذا النظام وهو أکبر وأقوى دليل يوضح أية نوايا يضمرها هذا النظام من وراء تدخلاته وإن نظاما لايرحم شعبه ويجعل منه فريسة لوباء قاتل کيف يمکن أن يرحم ويفيد شعوب أخرى؟!