23 ديسمبر، 2024 7:33 ص

ما فعله الرسامون العرب لا يتجاوز أنهم رسموا بيئتهم وموضوعات مستلهمة من تلك البيئة بأساليب أوروبية.

أيكفي أن يمارس الرسمَ عرب لكي يكون هناك رسم عربي؟ هناك رسم صيني. هذا صحيح ولكنه صيني بعمق، لا يمكن أن يُقال عن ذلك الرسم إنه ليس صينيا، كذلك الأمر بالنسبة للرسم الياباني والهندي ناهيك عن الرسوم الأوروبية.

ولكنني أشك أن هناك رساما عربيا واحدا يمكننا من خلال رسومه أن نهتدي إلى إثبات وجود رسم عربي، في حقيقة الأمر وهو ما يجب الاعتراف به أن هناك رسامين عربا مبدعين رسموا بالطريقة الأوروبية، ما تقوله النظريات شيء وما يقوله الواقع هو شيء آخر.

هناك رسام عالمي مهم اسمه ماتا، كان من أصول تشيلية غير أنه عاش حياته كلها في باريس ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين وكان نتاجه جزءًا مهما وفاعلا من الحركة السريالية الفرنسية.

لا أحد يذكر تشيليته إلاّ إذا تعلق الأمر بمكان ولادته، كان رساما فرنسيا بقوة انتمائه إلى فنه الذي هو جزء من فن البلد الذي تنفس هواءه جماليا، وهو ما يمكن أن يشكل ميزانا للنظر إلى معادلاتنا الخاوية من كل معنى.

فنيا لم يكن الأخوان وانلي مصريين ولا جواد سليم عراقيا ولا رضا بالطيب تونسيا ولا صليبا الدويهي لبنانيا ولا محمد المليحي مغربيا ولا فاتح المدرس سوريا ولا إبراهيم الصلحي سودانيا ولا إسماعيل شموط فلسطينيا.

ما فعلوه لا يتجاوز أنهم رسموا بيئتهم وموضوعات مستلهمة من تلك البيئة بأساليب أوروبية، وهو ما يفضح كذبة انتساب فنهم إلى مفهوم العروبة.

من الواقعي الاعتراف أن فنا يحمل سمات المزاج العربي في الحياة لم ينشأ في حاضنة ثقافية تشكلت على أساس الاعتراف بأوروبا باعتبارها المرجعيّة الوحيدة للفن، ولأن عقدة الغرب لم تتمكن من الصينيين والهنود واليابانيين فقد كانت لديهم فنونهم الخاصة بهم.

وهي فرصة تاريخية لم تكن ظروف العرب لتؤهلهم لالتقاطها والمضي من خلالها إلى قدرهم الفني الخاص، لذلك فإن مصطلح “رسم عربي” الذي درجنا على استعماله لا يمت إلى حقيقة النتاج الفني بصلة.
نقلا عن العرب