23 ديسمبر، 2024 9:21 ص

رسالتي هي لم تكن من تحت الماء
ولم تكن من فوق الغيوم
إنما هي من أعالي الملكوت في السماء
فاني لم أعتد أن أمتدح (شخصاً) واحداً في حياتي
ولكنني اليوم أجد نفسي لزاماً عليها أن أمتدح (إنساناً)
فجميع الذين نعرفهم وجميع الذين جاء بهم التاريخ لنا
وحفلت بهم سجلات التدوين في الكتب
وجعلتهم رموزاً بارزة
لم يكونوا بشراً
ولم يحملوا صفة البشرية وهويتها
وعنوان الإنسانية ونصاعتها
فمَن منهم لم يقتل !
ومَن منهم لم تقطر يديه دماً !
ومَن منهم لم يُولغ بالدماء الآدمية !
ومَن منهم لم يمنح لنفسه حقاً في إزهاق الأرواح البشرية !
وجميعهم خدعونا
فقد نفذ قسم منهم الى عقولنا عبر بوابة الزمن الزائفة
وسرق قسم منهم عقولنا بكلمات التزويق من نافذة التأريخ الواهمة
وتسللت الأفكار المضلّلة الينا بواسطة دياجير أراجيفهم الكاذبة
فامتلكت تلك الأفكار وجداننا وتنازعت ضمائرنا وأرغمت قناعاتنا
واختلط علينا الحق مع غير الحق
وكانت النتيجة هي
أنه لم يكن بمقدورنا العثور على الحقيقة وتبيان مضامينها
ولهذا فانهم جميعاً لم يروقوا لي
لأنهم أقزاماً
ولم أجد منهم واحداً عملاقاً
ومَن هو العملاق ياترى
العملاق هو الذي يشرئب عنقه الى السماء ليقترب من أضوائها
فيتفحص في مكنون أسرارها
وبقيتُ أبحث عن (الإنسان) ولم أجد واحداً منه
واقتفيتُ الأثر فكان جميعه سراباً
نعم وجدتُ أحراراً وشرفاءً ونبلاءً
ولكني لم أجد (إنساناً)
فالأحرار في نظري لم تكتمل إنسانيتهم
مالم تكتمل أفكارهم
ولن تكتمل أفكارهم
مالم تتحرر كلمتهم وعقولهم وضمائرهم
وبمعنى بسيط
أن الفكر الحر هو الفكر الذي يشّخص إنسانية الانسان ويستطلع أهدافه ويستوضح غاياته
فعلي بن أبي طالب
والحسين بن علي
ويزيد والحجاج ومعاوية
وستالين وصدام
والمالكي ومقتدى
جميعهم مجرمون
لأن معايير الجريمة واحدة
وقد توافرت عليها شخوصهم
فمنهم مًن تمرد ومنهم مًن قتل ومنهم مَن غدر واستباح
ولكن يبقى مقتدى
هو الأجدر في نيل قصب السبق عليهم
بعد أن تفوّق على الجميع في الوحشية والإجرام
أخيراً وجدتُ الانسان
وهو الذي لم يكن (حراً) فحسب
إنما إمتلك الكلمة الحرة
والعقل الحر
والضمير الحر
وعندها امتزجت الشهامة بالإنسانية