23 ديسمبر، 2024 7:18 ص

رسالة من جراح قلب عراقي الى السيناتور ماكين!!

رسالة من جراح قلب عراقي الى السيناتور ماكين!!

سيادة السيناتور المحترم
تحياتي و اعتزازي
أنا جراح قلب أمريكي من أصول عراقية ، درست الطب في بغداد و أكتسبت تجربة الأختصاص في أمريكا من خلال أهم الجامعات فيها ، و أخص بالذكر جامعة ” yale”  الطبية، والحائز على أكثر من 3 شهادات في البورد الأمريكي ، وقناعة مني باتفاق تاريخي بين  الطب والسياسة على تشخيص المرض و اقتراح العلاج على مراحل مدروسة، فأنه يطيب لي أن اخاطبكم بلسان أمريكي و روح عراقية.
سيادة السيناتور..  لقد وقع المحظور في العراق وليس من أمل في معالجة أثاره الا بحكمة تترفع عن السير وراء الخطأ معصوبة العينين و ترفض فكرة المهدئات الطارئة،  وذلك من خلال استعجال العودة الى منطق الحكمة و العلاج النافع، فقد جربتم أكثر من غيركم مغامرات السياسة المفتوحة منذ عام 1960 ، عندما امتطيتهم صهوة الطيران الحربي،  و تعاملتم معه كمهنة ترسم ملامحها الأهواء السياسية.
ولكي لا نذهب بعيدا في التاريخ فقد تابعت عن قرب في المكان والزمن عملياتكم الحربية في العراق و مسوغاتها، و موقفكم منها بكل التفاصيل، وقد طويت الصفحة بنصف أوراقها، ولأنكم، سيادة السيناتور، من بين صقور الحرب الذين لم ينفضوا غبار المعركة في العراق لحد اليوم، فأرجو الاصغاء الى ما أقول من وجهة نظر المتخصص.. 
لقد فتحتم صدر العراق لعلاج قلبه لكنكم تركتموه مفتوحا فتسللت الى أحشائه كل الأمراض العرقية والمذهية، و الأحلام العبثية، فانهار عمود البيت من الداخل، فاصبح أهله بين شك و يقين من قدرتكم على العلاج، بعد أن تخليتم عن فكرة البناء الديمقراطي الصحيح بسبب مزاجيات حكم شخصية ، وضعت ملف العراق محتقنا بدم أبنائه على رف الأهمال ، و كأن البعض منكم قد نسي أو خالطه الشك يوما بقسوة الظلم و تراخي مراحل نضوج التفكير!!
 ولكي يعلم سيادة السيناتور شيئا مهما فانني لست جمهوري الهوى ولا ديمقرطي التوجه، لكني أحمل هما عراقيا بمزاج أمريكي يقبل كل الأراء ، و يرفض بالمطلق رمي حقوق الانسان على جادة سوء التقدير، فقد حزنت لخسارتك جولة الانتخابات الرئاسية مرتين، وكنت من المؤيدين جدا لعودة ايام ريغان، حيث توضع الأمور في نصابها الصحيح، عندما يتطلب ذلك قرارا أمريكيا واضحا.
وقناعة مني بأنكم لم تهملوا ملف العراق و تختلفون مع الرئيس أوباما بتجاهل أولوياته الأستراتيجية، سأطلب منكم قراءة الخوف في عيون العراقيين و كثرة الشك من مفارقات الغد بعد أن رسمتم لهم أحلاما وردية على الورق، مثلما أناشدكم بشرف القسم العسكر عام 1958 أن تحملوا ملف العراق بين أيديكم الى كل مؤسسات الحكم الأمريكية من أجل الأعتبار بخطأ الحسابات لا تبرير الخسائر، فليس هناك من مآساة أكبر من فقدان الأمن والصحة والحياة الكريمة مثل الذي يحصل في العراق اليوم.
من المؤسف ان يحاول البعض تحميل شعب العراق سوء أختيار واشنطن لقامات سياسيه، و من المحزن تجاهل موقع هذا البلد الكبير في عمقة الاستراتيجي و تنوع خيراته، والتي تؤهله للعب دور التوازن الدولي بقيادة ليبرالية معتدلة و ناضجة، لامن خلال  مشاريع تزاوج عرقي و طائفي غير متعارف عليها في وطن أسمه العراق، و أنتم تعرفون كم هو مؤثرا في صياغة القرار الاقليمي ومهما للاستقرار، لذلك أناشدكم الألتفات بعناية هذه المرة الى العراق ليس من باب خلط الأوراق و تأجيل الحلول والتدخل الفوضوي، بل لمساعدة شعب العراق على تلمس طريقه في أختيار قيادة من الكفاءات المجربة وغير المنغلقة الا على  حكمتها و عقلانية توجهاتها، قيادة توازن بين سيادة الوطن وحسن علاقات الجوار وأحترام التواصل بين  مصالح العالم ، وهي ليست مهمة شاقة ولا مستحيلة،  فهي تحتاج الى استراحة محارب يستطيع من  خلالها صناعة القرار لا السير وراء ردود الأفعال، ونحن من المدافعين عن عراق موحد تحترم فيه حقوق الجميع وتصان فيه الحريات بلا تفرقة أو تمييز..
و تقبلوا سيادة السيناتور فائق أحترامي.
* أختصاص جراحة القلب و الشرايين.