18 ديسمبر، 2024 11:01 م

رسالة مفتوحة الى عقلاء الكرد العراقيين

رسالة مفتوحة الى عقلاء الكرد العراقيين

وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم ” – قرأن كريم –

تعلمون أن هذا الجعل رباني , وهو تكوين كان أختلاف ألآلسن فيه حكمة ربانية تسمو على كل التأويلات التي لم تراع سنن الكون المسبح لله ” يسبح لله مافي السماوات ومافي ألآرض ” وتعلمون أن الغاية من ذلك الجعل الرباني هو عبادة الله الواحد ألآحد ” ماخلقت الجن وألآنس ألآ ليعبدون ” , وتعلمون يا أعزائي أن رأس العبادة هي ” التقوى ” والتقوى هي عبادة العارفين الذين لايخضعون لآهواء النفس ولا لوسوسات الشيطان , فنحن أمام هذه ألآية الكريمة نواجه معنيين هما : التكوين , والتشريع , وفي كلا المعنيين لانسأل عن أنتماءاتنا القبلية والعشائرية ولا الحزبية والطائفية , ولا مواقعنا الجغرافية , كما لانسأل عن لون بشرتنا ولا أختلاف ألسنتنا , لآننا أمام مرجعية تعرف عنا كل شيئ ” مالهذا الكتاب لايغادر صغيرة ولا كبيرة ألآ أحصاها ” وهي من أرسلت لنا رسولا جعل من تكلم العربية عربيا , وذلك حتى يمحو عقدة العنصرية وألآنساب التي لارصيد لها يوم الحساب ,” كلكم لآدم وأدم من تراب ” 

والكرد من ألآمم والشعوب التي وفقت للآنتماء للعقيدة ألآسلامية , وكان لها رجال بارزون في الشأن المعرفي ألآسلامي , فكان ” أبو البركات المبارك بن أحمد بن المبارك بن موهوب أبن غنيمة بن غالب الذي يعرف ب” المستوفي ” كما ذكر ذلك الشيخ ألآمام شهاب الدين أبي عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي في كتابه ” معجم البلدان ج1 ص 138- وكان نوشروان البغدادي , المعروف بشيطان العراق الضرير , الذي جمع بين ألفاظ البغداديين وألآكراد , حيث هجا أربيل أولا ثم عاد وأعتذر ومدحها , وأربيل في زمنه كانت تابعة لولاية الموصل على أيام ألآمير مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك الذي هجاه أحد الشعراء قائلا :-

كساعية للخير من كسب فرجها .. لك الويل : لاتزني ولا تتصدقي ؟

وأنا أذ أذكر مثل هذه المواقف لآكشف للقراء ولكم ياأعزائي عمق الشعور الديني لدى الشعب الكردي ممثلا بشعرائه الذين منهم في العصر الحديث جميل صدقي الزهاوي الذي مدح السفور ولكن كانت زوجته محجبة , ونلاحظ أن الشاعر نوشروان البغدادي يربط في شعره بين أربيل وكربلاء حيث قال :-

تبا لشيطاني وما سولا .. لآنه أنزلني أربلا

نزلتها في يوم نحس فما .. شككت أني نازل كربلا ؟

هذا وفي البازار قوم أذا … عاينتهم عاينت أهل البلا

من كل كردي حمار ومن … كل عراقي نفاه الغلا

ثم عاد هذا الشاعر الكردي العراقي عن هجاء أربيل وراح يمدحها ويمدح أميرها حيث قال :-

قد تاب شيطاني وقد قال لي .. لاعدت أهجو بعدها أربلا

كيف وقد عاينت في صدرها .. صدرا رئيسا سيدا مقبلا

مولاي مجد الدين ياماجدا … شرفه الله وقد خولا

عبدك نوشروان في شعره … مازال للطيبة مستعملا

لولاك مازارت ربى أربل … أشعاره قط ولا عولا

ولو تلقاك بها لم يقل .. تبا لشيطاني وما سولا

من هنا نرى أن الكرد ذابوا في ثقافتهم وأدبهم في ألآسلام , ولم يعد بأمكان أحد أو أية قوة مهما أوتيت أن تجردهم من ذلك التاريخ ولا من تلك الثقافة التي تقول : أن الروح والدين للله , وأمامنا هذه تركيا الكمالية كم حاول هو ومن معه التغريب بها عن حاضنة الدين وألآمة ألآسلامية , وأعلنوا العلمانية , لكن الشعب المسلم التركي ومعه الكردي لم يستسلما لتلك النزعات , مثلما لم توافق أوربا على أنضمام تركيا الى أتحادها رغم كل التنازلات التي قدمها الزعماء ألآتراك من علمانيين مثل كمال أتاتورك الى المتدينيين ومنهم أوردغان الذي يحكم تركيا اليوم وقد أعطى لآسرائيل تنازلات كثيرة قد لاتكون سفينة الحرية وضحاياها المثل الوحيد , بل أن تواطئه على تهديم وتفتيت سورية لصالح أسرائيل هو أقصى مافعله حتى عاد بخفي حنين , فهذه التظاهرات تحاصر أوردغان في ساحة تقسيم , وهذه العصابات التكفيرية ألآرهابية تتمرد لصالح مموليها وصناع مخططها الذين يقبعون في مكاتب شركة أرامكو في السعودية , وشركة موبل وشل في قطر ومعها تأوي قيادات ألآخوان المسلمين الذين أريد لهم أن يكونوا رأس حربة لما يسمى بالربيع العربي وهو مصطلح مضلل كمصطلح ” سايكس بيكو ” وبين زمن المصطلحين ” 100 ” عام هو في حساب الاعبين الدولين فاصلا زمنيا يحتاج تغيير أدوات اللعبة , فمثل ما كان الشريف حسين ومن معه أدوات اللعبة حتى تركوه منفيا في قبرص لايملك ثمن مصروفه اليومي , فيضطر لرهن خنجره الذهبي عند كاتب السفارة البريطاني اليهودي ليعود بعدها الى منزله متوترا فيصاب بالجلطة الدماغية فينقل الى عمان ويموت هناك ولم ينفعه وجود ولده فيصل ألآول ملكا على العراق .

أعزائي عقلاء الكرد العراقيين , لانريد للسيد مسعود البرزاني أن يكون أداة للعبة دولية من خلال أغرائه بألآنفصال عن العراق معتقدا أن حوادث ” داعش ” هي فرصته الذهبية , ومن يعتقد كذلك يخطأ مرتين , مرة لآنه يعتقد أن ” داعش ” تمسك بأوراق المعارضة السنية , ومرة لآنه يعتقد أن بعض الدول تؤيده في محاولته ألآنفصالية عن العراق , وللسيد مسعود البرزاني نقول : أياك من رفع هذا الغطاء الواهي كبيت العنكبوت , فالدول التي تؤيدك هي أسرائيل لاغيرها وقد صرح نتنياهو بذلك رغم أن بعض الصهاينة يرون في أعمال داعش وأنفصال أقليم كردستان العراق تقوية لآيران وفسح المجال أمامها لآحتضان الوسط الشيعي الغني بثرواته النفطية مما يجعل مقولة الهلال الشيعي من طهران الى بيروت مرورا في بغداد متحققة عمليا مثلما تحققت في الحرب الكونية على سورية التي جعلت من الشعب السوري والجيش السوري يقف صامدا ويحقق توازنا يهزم به عصابات التكفير ألآرهابي , وتلك مسألة تحتاج الى دراسة وأعادة  نظر بعد أن أفلست المديا ألآعلامية من تحقيق كامل أغراضها .

أعزائي عقلاء الكرد العراقيين أن خطوة السيد مسعود البرزاني بدعوته للانفصال علنا وأجراء ألآستفتاء , هي قفزة في المجهول الذي يجعل الشعب الكردي في العراق يتعرض لمحن جديدة هو في غنى عنها لاسيما وأنه حصد الكثير من المميزات ألآقتصادية وألامنية في ظل الفيدرالية العراقية من خلال دستورها في المادة ” 3″ والمادة ” 4″ أولا وثانيا –أ- ب – ج- د- هاء – والذي نظم العلاقة بين المركز الفدرالي وألآقليم عبر المواد التالية : ” 9″ –ب- المادة ” 11 ” والمادة “12” وأعتبرت المادة ” 13″ أن الدستور العراقي الذي وقع عليه قادة أقليم كردستان العراق ومنهم السيد مسعود البرزاني هو القانون ألآعلى وألاسمى في العراق ولا يجوز سن دستور في ألآقاليم يعارض مواد هذا الدستور . وفي المادة “139” تم ألآستفتاء من قبل الشعب العراقي عليه , والمادة ” 140 ” في أولا وثانيا هي من مسؤولية السلطة التنفيذية تحديدا وللآخوة ألآكراد مشاركة واسعة في السلطة التنفيذية ألآتحادية , فمنهم رئيس الجمهورية , ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية وبعض الوزراء , وفي السلطة التشريعية منهم نائب رئيس مجلس النواب وعدد كبير من النواب , وحددت المادة ” 106″ أختصاصات السلطة ألآتحادية , والمادة ” 108 ” و “109 ”  أعتبرت النفط والغاز ملك الشعب العراقي , فهل من الجائز أن يقوم أحد ألآطراف بالتفرد بتصدير النفط وأستغلال موارده , ثم بعد ذلك يكون سببا في تصدير نفط الشعب العراقي الى أسرائيل في نفس الوقت الذي تحدث فيه أحداث داعش في الموصل والتي كان ورائها تخاذل وتنازل عن شرف حماية الوطن والشعب من قبل بعض القيادات العسكرية والمدنية التي ثبت تورطها في دعم ألآرهاب الذي كانت مجاميعه تعمل على ترهيب أهل الموصل وتجبي بالقوة ألآتاوات التي تصل الى ” 9″ مليون دولار شهريا , وأذا كان هذا مؤشر من مؤشرات ضعف وخطأ القائمين على الجهاز ألآمني والعسكري والسياسي , ألآ أنه في كل الحالات لايمنح المخلصين للوطن فرصة الشماتة وممارسة أعمال العصيان ومحاولة التشبث بما يسمى بالمناطق المتنازع عليها , وهو مصطلحح مضلل يراد منه أفساد ألآجتماع العراقي وتفتيته وجعل العراق غير مستقر وهذا مايحصل ألآن , فالسيد مسعود البرزاني من الذين وقعوا على كتابة الدستور وهو وغيره ممن شاركوا في ذلك يتحملون مسؤولية كتابة وتثبيت ذلك المصطلح المجافي لروح الدساتير والقوانين المنصفة , ثم أن المادة ” 110 ” نظمت ألآختصاصات المشتركة بين السلطات ألآتحادية وسلطات ألآقاليم , ولكننا لم نر أن السيد مسعود البرزاني ومن معه في قيادة ألآقليم قد ألتزموا بروح تلك المواد الدستورية على مستوى أدارات ألآمن والصحة والتربية والتجارة والنقل وغيرها من ألآدارات التي نظمها الدستور , ثم أنكم ياعقلاء الكرد العراقيون تعلمون أن السيد مسعود البرزاني كان يعمل بأكثر من صلاحيات حتى الكونفدراليات , فهو قد عين ممثلا لآقليم كردستان في بغداد وهذا أجراء ينم عن روح لاتؤمن بالفدرالية ففي دولة فدرالية رئيس جمهوريتها من الكرد وفيها وزراء وعدد كبير من النواب ونائب رئيس مجلس الوزراء وناائب رئيس مجلس النواب ورئيس أركان الجيش وسفراء , مامعنى في مثل هذه الدولة الفدرالية يعين ممثل لأقليم كردستان في بغداد ؟ ألآ ترون أنها مفارقة لاتقبلها ألآنظمة الفدرالية , ثم أن السيد مسعود البرزاني كان يستقبل أطراف خارجية أجنبية دون التنسيق مع المركز وأستقبال وزير خارجية تركيا مثالا على ذلك , وأستقبال رئيس مايسمى بألآئتلاف السوري المعارض دون علم المركز , وأقامة مؤتمر لآكراد سورية المعارضين في أربيل هو مخالفة دستورية تضاف لمخالفات كثيرة , وأصرار السيد مسعود البرزاني على فرض الكفالة وتحديد أيام ألآقامة للمواطنين الذين يزورون المحافظات الشمالية هو أجراء تعسفي لايقره الدستور , وجعل أربيل مكانا للمعارضين والهاربين من وجه القضاء الفدرالي وتجميع الفضائيات المحرضة على الفتنة في أربيل هو عمل أستفزازي لاتقره الشراكة الوطنية ,  أمام حالة من هذا المستوى وموقف يعرض أمن العراق والشعب العراقي الى مخاطر جمة وخطيرة كتلك التي أعلنها السيد مسعود البرزاني ورحبت بها أسرائيل , كان لابد للعقلاء الكرد العراقيين وهم كثر لابد لهم من موقف ومن صوت ينتصر للحق والعدالة والحرية لآننا نرى وبيقين كبير أن مثل هذه الدعوات تحمل في طياتها طموحات شخصية لاتلبي حاجات الوطن والمواطنين فضلا عن أنها غير مدروسة على ضوء جيوسياسة المنطقة والعالم , أننا على يقين أن عقلاء القوم في كل ألآطراف لايريدون تعريض البلاد لهزات وخضات كما شهد العراق في الثمانينات والتسعينات ولازال الشعب العراقي يدفع ضريبة تلك المواقف العنجهية الصبيانية , أن في العراق ثروات وهبها الله تكفي شعبه أن يتنعم بها سعيدا مطمئنا بعيدا عن القفزات الطائشة , وأن في الفدرالية متسعا للحرية والعدالة والعيش الرغيد , وهذه رسالتنا لآخواننا الكرد وفي مقدمتهم عقلائهم وحكمائهم أن يأخذوا على يد من يريد الفتنة , ومن يريد فتح فرص تكالب ألآخرين على بلدنا ومنطقتنا وأخطر ذلك هو تكالب عصابات ألآرهاب التكفيري التي لاتؤمن بالحوار ولا بالرأي ألآخر وتعمل على مصادرة وجود من يختلف معها ولا نعتقد أن السيد مسعود البرزاني بعيدا عن ذلك ألآستهداف وتلك المصادرة من قبل ألآرهاب التكفيري , ثم أن السيد مسعود البرزاني سيجد نفسه في خضم صراعات كردية على السلطة , فلا أكراد تركيا يعترفون بزعامته وعندهم عبدالله أوجلان , ولا أكراد أيران يخضعون لهيمنته وقد تذوق الكثير منهم خيرات ومحاسن الحكم ألآسلامي في أيران , ولا أكراد سورية سيكونون سعداء بسلطة البرزاني وقد ذاقوا مرارة القتال مع داعش , هذا فضلا عن أكراد العراق الذين فيهم أنصار ألآسلام والذين سيكون لهم رأي أخر بسلطة البرزاني ولكن بعد فوات ألآوان , فهل للسيد البرزاني أن يأخذ كل ذلك بنظر ألآعتبار , هذا ما نريد عقلاء الكرد العراقيين تأمله والتفكير به وهم حتما لايفوتهم ذلك , ولكن من باب فذكر أن نفعت الذكرى .

أن مواجهة داعش والقضاء عليها قضية لاتحتاج سوى الى الحسم لآنها معركة وجود , ومن لايفعل ذلك لاينفعه الندم , وكل المشاريع ألآخرى هي مضيعة للوقت مالم تكن للم الشمل وتوحيد الصف , وحتى العمل السياسي لن يكون مجديا مالم يشخص خطورة حرب الوجود الذي تشنه داعش بأدوات المحور الصهيوتوراتي .