حول انتهاكات حقوق الإنسان في العراق .
نكتب إليكم بصفتكم رئيسة لمنظمة اممية ترعى حقوق الانسان والشعوب المقهورة المغلوبة على امرها ، ومنها شعبنا العراقي الذي يعاني ابشع انواع الاضطهاد والتمييز ، نتيجة تراجع دور الدولة في حفظ القانون واستقلال القضاء، وتصاعد جرائم حقوق الإنسان والعنف يوما بعد يوم ، دون ان نجد اذنا صاغية من دول متقدمة ، تدعي رعايتها لحقوق الانسان ، ولا من منظمات دولية تمنع نظمها اضطهاد الانسان اينما وجد .
لقداستخدمت التنظيمات القمعية والميليشيات الولائية ذريعة محاربة الإرهاب لتدمير مدن عريقة بتاريخها ، وتركتها غير صالحة للسكن . ثم عملت على شراء الدور المهدمة بهدف التغيير الديموغرافي بعد منع سكانها من العودة الى دورهم بحجج شتى .
كما وجدت مقابر جماعية في هذه المدن قسم منها يعود الى تنظيم الدولة (داعش) المجرمة ، وقسم يعود الى الميليشيات الولائية ، التي لاتقل اجراما عن داعش .
أن الميليشيات الموالية لايران الماسكة للأرض تمنع الأهالي من حفر المقابر الجماعية للبحث عن رفات أولادهم، خوفاً من الإعلام وفتح ملفات المختطفين والمغيبين قسرياً .
وفي مقبرة محمد سكران بالقرب من بغداد وجدت مدافن تضم قبورا لحوالي ألف سجين تم اعدامهم من دون محاكمات اصولية .
ان شيوع الاعترافات المُنتزعة تحت التعذيب حتى الموت لإدانة الآلاف من العراقيين دون ضمان حقوقهم في محاكمات عادلة تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان .
وقد انتشرت عمليات الإعدام الانتقامية التي ساهمت في تعطيل العدالة للضحايا وعائلاتهم .
حتى بلغ عدد المحكومين بالاعدام 7935 . نفذ منها 327 . حسب وكالة الأناضول .
واحتل العراق المرتبة الرابعة بين أكثر دول العالم تنفيذا للإعدامات، حيث تضاعف عدد تلك الأحكام بين عامي 2018 و 2019 .
ان انتشار الميليشات المسلّحة في مدن العراق قد اضعف مؤسسات الدولة الامنية ، وجعل حفظ النظام والقانون امرا مستحيلا ، وادى الى فوضى عارمة في البلاد ، وتسبب في انتشار السلاح على نطاقٍ واسع، وبالتالي اللجوء الى العنف لتصفيّة الحسابات بدل الرجوع الى المحاكم المختصة . اضافة الى الاستقواء ببعض العشائر لفرض الارادات .
كما قمعت بالقوة المفرطة كل الاحتجاجات السلمية التي
تطالب بوقف المظالم التي انتشرت في وسط وجنوب العراق . وغرقت تلك المناطق في دائرة من العنف أودت بحياة اكثر من 2000 شخص ، وتعويق مايزيد عن 20000 آخرين .
ومازالت عمليات الاغتيال تجري بصورة يومية ممنهجة تجاه المعارضين . مما أجبر كثير من النشطاء على ترك منازلهم والفرار من البطش الميليشياوي المسلح .
لقد اصبح الاختطاف والتعذيب ممارسة يومية لاجهزة الأمن والميليشيات الحزبية منذ انتفاضة تشرين العام الماضي والى يومنا الحاضر .
كما انتشر السلاح المنفلت في العراق بشكل غير مسبوق، تحمله مليشيات وعصابات مسلحة تحت غطاء الاحزاب الحاكمة . فزادت الجرائم . ولم يجر حصر السلاح بيد الدولة ، وبقي مجرد شعار غير قابل للتطبيق .
ويعدّ الاختفاء القسري في العراق من اكثر الانتهاكات شيوعاً وخطورةً ، وخصوصا بالنسبة للنشطاء والإعلاميين . ويتم
احتجازهم لدى الوحدات الحكومية وميليشيات الاحزاب . ولا يتم الافصاح عن مكان تواجدهم ، حتى تضيع معالم الجريمة .
يرافق ذلك القهر الاجتماعي والقتل العشوائي الذي طال المرأة في كل المدن العراقية .
وتشير الاحصاءات الى اعداد كبيرة من حالات العنف ضد المرأة على وفق منظمة الصحة العالمية حيث ان هناك اكثر من 24% من العراقيات تعرضن للعنف الجسدي في العام الماضي .
ان غالبية الاحزاب الدينية والقوى السياسية الحاكمة تساهم في عرقلة تقدم المرأة وتطورها ، وغمط حقوقها المشروعة .
وهناك تراجع ملحوظ لمشاركة المرأة في الحياة الاجتماعية ، والنشاط الاقتصادي, وبالتالي فهي غير قادرة على تأمين لقمة العيش والملبس والمأوى في غياب الرجل .
وهناك احصائيات تشير إلى تنامي الأمية في صفوف المجتمع في الريف والبادية إلى 75 % بين الرجال و98 % بين النساء .
وقد تراجع عدد الطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات بما يعكس حالة الإرهاب الذي تتعرض له المرأة العراقية .
يتعرض الصحفيون والإعلاميون
بشكل شبه دائم إلى المضايقة والاعتداء من قبل الجماعات المسلحة .
وتشهد السجون العراقية اختراقات فضيعة لحقوق الانسان ، نتيجة الظروف المزرية التي يعيشها السجناء ، وهم يتعرضون يوميا الى
اساءة المعاملة على نطاق واسع وبطرق ممنهجة .
كما ان الوضع الاجتماعي والمعيشي المأساوي للشعب العراقي قد ادى الى شيوع ظاهرة الانتحار بين الشباب ومن كلا الجنسين .
وانتشرت ظاهرة المخدرات بشكل لم يسبق له مثيل ، نتيجة الاوضاع السيئة التي يعيشها المواطن العراقي . ولم تتخذ الدولة خطوات جادة لمعالجة هذه الظاهرة . او مكافحة تجارة المخدرات التي تنشط في كثير من المدن .
ونتيجة لذلك فاننا نشهد يوميا تزايدا في انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي في العراق ، ولم يقم أي طرف محايد بتحقيقات ذات مصداقية تفي بالمعايير الدولية ذات الصلة .
نعتقد اعتقادًا راسخًا أنه في مثل هذا الوضع الحرج يتوجب على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تحديد موعد جلسة إضافية بسرعة لمناقشة تدهور حقوق الإنسان في العراق . كما ندعو الى البدء في اجراء تحقيق دولي مستقل في الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان .
ان تشكيل لجنة تحقيق دولية بتفويض من الأمم المتحدة سوف يسهم بشكل كبير في منع ارتكاب المزيد من الانتهاكات لحقوق الانسان في العراق . ويعزز المساءلة العادلة عن الجرائم الجسيمة المرتكبة .
أرجو أن تتقبلوا خالص التقدير .