22 ديسمبر، 2024 6:44 م

رسالة للسيد مقتدى!!

رسالة للسيد مقتدى!!

يثير السيد مقتدى الصدر جدلا واسعا في الشارع العراقي و المحيط الاقليمي و الدولي لما يشكله من ظاهرة شعبية قادرة على تحشيد العراقيين عند كلمة سواء،بالمقابل تطرح”ظاهرة ” السيد مقتدى الكثير من علامات الاستفهام و التساؤل، وهو نابع من مزاج يعتبر أية محاولة للخروج على ايران حالة من استغفال العقول، بعد سنوات عجاف من انهيار سقف القرار المستقل على مختلف المستويات و المقامات، فلماذا يكون السيد مقتدى استثناءا!!
وجهات نظر كثيرة تتقاطع مع التداول بظاهرة السيد مقتدى حتى في صفوف أصحاب المواقف الجاهزة، فالبعض يعده أخر مفاتيح الأمل بالقضاء على الفتنة و الفساد و آخرون يتحدثون عن مشروع لـ” التنفيس” السياسي للمحافظة على الوضع القائم ، بينما يؤكد فريق العقلاء أن ظهور السيد مقتدى يبعث اطمئنانا و أملا في الشارع العراقي لاعتبارت كثيرة يتقدمها انتماءه العراقي أبا عن جد و تمسكه بثوابت وطنية لها علاقة مباشرة بمشروع سياسي رافض للفتنة الطائفية فقد كان والده رحمه الله قد دفع ثمنا باهظا في سبيله، يضاف الى ذلك أنه تشرف بمقاتلة الاحتلال ” و لولا هذا الموقف لما انصف التاريخ الشيعة” حسبما يقول سياسي عراقي ملتزم بانتماءه المذهبي تحت مظلة المواطنة، فيما لا يختلف عاقلان على ضرورة تنظيم العلاقة مع إيران على أساس المصلحة المتوازنة لا الولاء السياسي للطوائف.
وما يحسب للسيد مقتدى الصدر أنه من أبناء العراق الذين لم يبايعوا الاحتلال أو يشاركوا في مناوراته قبل عام 2003 ، ليكون مع غيره من ” عراقيي الداخل” ضحايا سيناريوهات رجال الاحتلال بعناوينهم المختلفة، يضاف الى ذلك التزامه بالدفاع عن المحرومين بقناعة و التزام لذلك لم يتملك القصور الفارهة و لم يصادر ممتلكات النظام السابق و الأهم من كل ذلك نجاحه في تحطيم أبواق الفتنة الطائفية و الانتقال الى المواطنة، بتظاهرات كبيرة لا تعلو فيها غير راية العراق، ما يشكل نضوجا سياسيا يفتقده غيره من الذين يرفعون رفض أمريكا بيد و يوقعون على مبايعتها في الأخرى.
سيقول البعض أننا نجافي الحقيقة و ننتقي الصفحات بمزاجية غير محايدة بغض الطرف عن متاهات صفحات 2006 و 2007 أو ما يطلقون عليه ” الحرب الأهلية الطائفية” و ربما يتهمنا أصحاب ” المزاج السقيم” بما هو أخطر من ذلك، فهناك من يأكل من كل الموائد و يغرف بمختلف الأواني و الاقداح لاشباع بطون خاوية من المواطنة، و مع ذلك يرمي الآخرين بعقده الشخصية و النفعية، ليشكلوا طوقا من “اعجاز نخل خاوية” لا تستهوي الا الباحثين عن جاه وسط جثث الأبرياء، و قد يذهب فريق ثالث الى اتهامنا بتغيير الولاء ، وهي تهمة أعتز بها
قناعة مني أن الانتماء للمذهب شرف رفيع طالما تكون فيه حدود المواطنة من المقدسات، مع التأكيد على أن جميع الأطراف متورطة بهدر الدم العراقي و الاساءة للسلم الاجتماعي بدرجات متشابهة لتحقيق الكسب السياسي و الشخصي قبل غيره، فلا براءة سياسية من دم العراقيين، بغض النظر عن تفاصيل الجريمة !!
في المقابل يأخذ العراقيون على السيد مقتدى الانتقائية في التعامل مع الأولويات و عدم وضوح المشروع السياسي و درجات التوافق مع المرجعية و ايران من عدمه، و التاخر في عقد مؤتمر شامل لعلماء الدين في العراق للخروج بوثيقة وطنية ملزمة للجميع ، اضافة الى الانتقال من صفحة لأخرى قد يستغلها البعض للتشويش على مشروع الصدرالجديد القديم في الولاء للانتماء العربي في عراق موحد و متجانس في ولاءات المواطنة، ما يعني الحاجة الملحة الى مشروع مكتوب بمحطات تنفيذ معلومة منعا للتشويش و الاتهام و سوء الظن، مشروع عراقي خارج رحم التثقيف الحزبي و الطائفي، بحيث لا يقتصر التيار الصدري على فئة دون غيرها، فبدون تمازج الروح العراقية تبقى الخيارات قابلة للطعن و التشكيك .. مشروع عراقي متكامل لا يشكل الولاء الطائفي و العرقي حجر الزاوية المركزية فيه كما هو معمول به في احزاب السلطة الحالية، التي تمثل بيتا طائفيا صغيرا، فالاستقطاب المذهبي و العرقي هو سيد المشهد” الممل و المنفر” لذلك ينتظر العراقيون مشروعا وطنيا برمزية سياسية و اجتماعية تقرأ هموم العراقيين للبحث عن حلول لا مفاقمة المآساة و نسيان الأمل.. لن يرضى عنك الجميع سيد مقتدى ولن يضروك شيئا دعاة ” التنابز السياسي” الذين يكرهون فكرة ترميم البيت من الداخل لأنهم أصلا لا يتباهون بتاريخ بغداد مقارنة بتمجيدهم لاسطنبول و طهران و واشنطن!! فرق كبير، سيد مقتدى، بين التفاخر بالأجداد والمواقف التاريخية و بين البحث عن جاه وسط الركام، فلا تأخذك بالحق لومة لائم حتى في المقربين و الخصوم على حد سواء بمزاج وطني يعتبر حب الوطن من الايمان لانهاء الطائفية السياسية عندها سيرضى الله عنك و ألـ بيت رسوله ” ع” الذين ” تتجافى جنوبهم عن المضاجع ” خوفا على العراق و آهله!! فكم هي مسؤولية دينية و مهمة تاريخية مساهمتك سيد مقتدى في اعادة رفع البيت من القواعد بهمة عراقية خالصة النية لله و الشعب!!

[email protected]