23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

رسالة قد تفتح أبواب الجحيم على طهران

رسالة قد تفتح أبواب الجحيم على طهران

لم يکن في تصور النظام الايراني أبدا أن تقود عملية الصراع الضاري والطويل الذي خاضه ويخوضه ضد منظمة مجاهدي خلق الى فضحه على مختلف الاصعدة وتکشف لممارسته الکذب والخداع في مختلف الامور المرتبطة بهذا المجال خصوصا وإنه کان يعتقد بأنه سيحسم ملف المنظمة في وقت قياسي ويغلقه الى الابد، لکن الذي حدث وکما نرى هو العکس من ذلك تماما، فهذا الملف ليس لم يغلق وإنما توسع وصار کبيرا وثقيلا على کاهل النظام وجعله في العديد من الاحيان يترنح من جراءه.
الخطأ الکبير الذي وقع فيه النظام الايراني في صراعه ضد منظمة مجاهدي خلق، هو إنه قد إعتبر المنظمة مجرد تنظيم حزبي تقليدي کبقية الاحزاب والتنظيمات الاخرى التي قام بتصفيتها أو إقصائها، في حين إن المنظمة تعتبر مشروعا سياسيا ـ فکريا ـ إجتماعيا ـ إقتصاديا متکاملا بحيث يمکن إستخدامه کمشروع بديل لإدارة الدولة وتسيير أمور الشعب الايراني، والاهم من ذلك إن للمنظمة جذور عميقة وقوية مترسخة في داخل مختلف شرائح وطبقات وأطياف الشعب الايراني ومن يتابع التجمعات السنوية للمقاومة الايرانية ومختلف النشاطات السياسية ـ الفکرية الاخرى التي تقف خلفها المنظمة إعدادا وتنظيما وإشرافا، يجد نفسه أمام قدرات تنظيمية وإدارية غير عادية طالما أشار لها السياسيون والاعلاميون الذي حضروا تلك المناسبات.
صراع النظام الايراني ضد المنظمة قد قاد کما نعلم الى کشف إنتهاکاته وجرائمه ومجازره في مجال حقوق الانسان کما إنه أدى أيضا الى فضح الجوانب المشبوهة في البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية وأثبت في جانب آخر تدخلاته في بلدان المنطقة وتصديره للتطرف والارهاب وتورطه بأعمال ونشاطات إرهابية من خلال سفاراته في الخارج، وأخيرا وليس آخرا فقد کانت الرسالة التي وجهها سبعة من خبراء الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان بشأن مجزرة عام 1988، التي تم إرتکابها ضد 30 ألفا من السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق والتي تعتبر بمثابة إعتراف دولي بهذه المجزرة وبکونها جريمة ضد الانسانية وإن تزامن هذه الرسالة مع محاکمة الدبلوماسي الارهابي أسدي وزمرته في بلجيکا يجعل النظام يشعر بما يمکن أن نصفه بأکثر من خطر عليه.
هذا النظام وعند إلقاء نظرة على تأريخه من خلال الاحداث والتطورات الجارية على طول العقود الاربعة المنصرمة، يتبين بأنه نظام يحترف إستخدام الکذب والخداع والتمويه ويمارس الارهاب بمختلف أنواعه من أجل بلوغ غاياته المريضة والمشبوهة، ولاريب من إن إزدياد عدد البلدان التي باتت تکشف أعماله ونشاطاته الارهابية وتدينها بشدة وتسعى لمراجعة علاقاتها مع هذا النظام، دليل آخر يٶکد بأن منظمة مجاهدي خلق لم تکرس نضالها من أجل إنتزاع الحرية والديمقراطية من هذا النظام وإسقاطه فقط وانما سعت أيضا لإيلاء الجانب الانساني والدولي إهتماما ملموسا وجليا ولاسيما عند فضح النشاطات الارهابية له ودوره في نشر التطرف الديني الذي هو بمثابة الارضية الخصبة لنشوء الارهاب وتوسع دائرته، وحري بالمجتمع الدولي أن يبادر الى مراجعة حساباته مع هذا النظام وتحديد الموقف منه قبل أن تصبح الامور أسوء من ذلك، ومن دون شك فإن رسالة خبراء الامم المتحدة في مجال حقوق الانسان مع الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الحساسة وغير العادية التي تم خلالها توجيهها لطهران، لن تکون کأي رسالة أخرى وإنها ستفتح ليس بابا وإنما أبواب الجحيم على النظام الايراني.