خلق الله تعالى الإنسان بفطرة نقية سليمة من الشوائب في التفكير والعمل وجعل له الحرية والاختيار وله الخيرة من أمره في العمل والفعل متنقلا بين الحق والباطل لكن بمرور الزمن وبوجود قرينه الشيطان وأعوانه من الأنس والجن تشاركه في التفكير والعمل وتعمل بين يديه وتجره إلى الأفعال السلبية حينها أخذ الإنسان ينحدر بتصرفاته إلى مستويات من الانحدار الفكري والعقائدي والتعامل السلبي في مجتمعه وإيذائه بعكس إرادة الله تعالى مما اقتضت الضرورة والحاجة الإلهية إلى التدخل لإرسال الرسل والأنبياء والنذر والسنن لتمهد له طريق الهداية لإعادته إلى جادت الحق والفطرة السليمةوكلنا نعرف أن للإنسان الحقوق وعليه الواجبات في مجتمعه لتكون حياته منظمة وترتقي إلى مستوى الإنسانية التي أرادها الله له وعلى طول مسيرته البشرية وخالقه يحيطه بالرعاية والتوجيه بالشرائع التي ترسم له معالم حياته وتعاملاته مع بني جنسه والمجتمع وضمن له الحقوق على مدار حياته تدريجيا حسب متطلبات وتطورات المجتمع في كل بقاع العالم وختمها بالرسالة المحمدية متضمنة منهاج واسع ومفصل بكتاب اسمه القرآن الكريم ومن هنا جاءت الحقوق الإنسانية بآيات يقتطف منها حقوقه كاملة مقابل الواجبات التي يؤديها لمجتمعه لكي يسمو بنفسه إلى الدرجات العليا ومرضاة الله تعالى فقد جاءت هذه الحقوق على شكل واضح حيث أعطى الإسلام للإنسان الحق في ممارسة معتقداته التي يؤمن بها وله الاختيار في العبادة وهو الذي يتحمل المسئولية كاملة أمام الله تعالى ربه الذي خلقه وهو الوحيد له الحق في العقاب والثواب يوم الحساب كما قال تعالى ( لا أكراه في الدين ) و( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر…….) الكهف 29 وكذلك (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )كما أعطى الحقوق للوالدين ووصى بها البنين والأحفاد وهي الحاجة الملحة في بناء الأسرة والمجتمع ليروا جزء من التضحيات كما قال تعالى ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين أحسانا ……. ) الإسراء 23 و( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن …… ) لقمان 14 .كذلك نظم العلاقة الزوجية وأعطى كل ذي حق حقه من الزوج والزوجة وضمن الحقوق الشرعية للزوجين ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) أي فرض عليكم أكراما والتزاما للمرأة وصيانة لحقوقها لتكون الروابط متينة في الحياة الزوجية و( …… للرجال نصيبا مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن …..) النساء 32 فأن للمرأة الأهمية القصوى والباب الواسع ليلجه الإنسان في حمايتها وتكريمها والحفاظ على مكتسباتها المعنوية والمادية ومساواتها مع الرجل ومن هذه الحقوق أشارة من القرآن في التربية والرعاية والمعيشة في بيت الزوجية وكذلك من الحقوق الكثيرة تنظيم العقود والعهود والمواثيق والإرث والطلاق والتبني وحث الله تعالى بعدم بخس الناس حقهم وخصوصا في اليتامى والإماء والأرامل والقاصرين ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) النساء 29 كما قال ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ……..) النساء 35 و( وآتوا اليتامى أموالهم ….. ) النساء 2 و( يسألونك عن اليتامى قل أصلاح لهم خير ) البقرة 220 وغيرها من الآيات التي يزخر بها القرآن لتنظيم حقوق الناس يستطيع الإنسان العاقل المتدبر له أن ينهل منه ما يشاء .أن دراسة المنهج القرآني والرسالة المحمدية وفهمهما بموضوعية وتجلي وفكر ثاقب يجد أن كل الحقوق للإنسان واضحة ودقيقة ومصانة لكن مع الأسف أن الدين الحقيقي للإسلام لم يصل للعالم كما أراده الله وأنبيائه عليهم السلام بصورة صحيحة بل وصل مشوها ومخيفا ومنفرا منه في بعض الأحيان عكس صورته المشرقة الناصعة حتى وقف الغرب والعالم منه موقفا مضادا من منهجه ومن هنا يأتي التخوف على الدين الإسلامي الحنيف وعقيدته من الأجيال القادمة ما لم تصحح الكثير من مفاهيمه التي فسر بها وعدم التعنت والتعصب الغير مبرر والتمسك بالسلف الصالح المطلق التي لم تعد الكثير من أفكارهم مواكبة التطورات العصرية للحياة والعقل البشري فعلينا أخراج عقيدتنا الإسلامية من نطاقها القومي المحلي إلى خارج حدودنا العربية والإسلامية بعيدا عن العصبية والنقاش والجدال الغير مثمر بل بطريقة واعية لا تمس جوهر العقيدة والإيمان الحقيقي للرسالة الإلهية من خلال الحوارات الفكرية في معاقل الغرب ومؤسساته الدينية والثقافية للإطلاع عليها عن كثب لتبديد الفوبيا من الإسلام بعدما وصلهم مشوها ومزورا بقصد أو بدونه