نقلت لنا الفضائيات والسوشيال ميديا قبل أيام مشهدلسفير بريطانيا (ستيفن هيتشن ، ومعه وزيرة داخلية بريطانيا السيدة / أيفيت كوبر) وهم يأكلون اللبلبي في شارع المتنبي جهارا نهارا ، بكل راحة وأمان وأطمئنان غير مكترثين لأحد ، وبلا حمايات تذكر! ، والمنظر أثار أستغراب الكثيرين وتعجبهم! ، ولربما أعتبرها البعض سابقة دبلوماسية لم يعهدها العراق من قبل في كل عهوده!، كما أن المشهد لا يخلوا من شيء من التحدي في ظل الظروف الأمنية غير الطبيعية التي يعيشها العراق منذ الأحتلال الأمريكي البريطاني للعراق!!؟ . أقول لربما مثل هذه المناظر والمشاهد في دول الغرب تكاد تكون طبيعيةومألوفة ، فالمسؤول عندهم مواطن كبقية المواطنين ( وليسأله يعبد!) بل هو خادم للشعب بكل معنى الكلمة! ، لأنه ينتخب بأرادة شعبية وبكل صدق ونزاهة وبلا تزوير! ،عكس ما موجود عندنا تماما نحن العرب ، فالرئيس والحاكم والملك والمسؤول والنائب هو نصف أله! ، أن لم يكن أله في نفوس أتباعه ومحبيه ومريديه! ، ويتم أنتخابه بالكذب والتزوير والغش والتدليس وبكل الطرق الملتوية غير النزيهة وغير الشريفة . وهذا هو الفرق الكبير بيننا وبين العالم المتحضر والمتمدن فهم عندهم ( العدل أساس الملك) وعندنا ( الظلم والسرقة والنهب وقتل المعارضين ونفيهم ومطاردتهموالتمسك بكرسي الحكم حتى الموت هو أساس الملك!) . نعود الى صلب الموضوع ، ودعونا نتكلم بكل صراحة ، لمالغرابة والأستغراب في الأمر!!؟ ، أليست بريطانيا هي من أسست الدولة العراقية الحديثة عام 1921 ، وبأعتقاديأنهم لا زالوا يشعرون ويعتبرون أن العراق عراقهم ، وقد ترسخ عندهم هذا الشعور بعد أحتلالهم له ثانية مع أمريكا!! في 2003 ،( فهم من أسسوه وصنعوه في أحتلالهم الأول له بداية القرن الماضي في أذار من عام 1917!) ، وبالتالي هم أولى به من غيرهم حتى وأن ناصبتهم وقاسمتهم بذلك أمريكا نفسها وهذا هو ما يشعرون به !!؟ . بالنسبة لي كمتابع للمشهد العراقي وكصحفي أرى أن مشهد ( السفير البريطاني ووزيرة الداخلية البريطانية وهم يأكلون اللبلبي) في شارع المتنبي نهارا وعلى رؤوس الأشهاد كما يقال فهو بقدر ما يحمل الشيء الكبير من الجرأة والتحدي ، أرى أنه بعث بعدد من الرسائل المهمة ليس للعراقيين فحسب بل للعالم أجمع!! ، منها أنها رسالة أمان وأطمئنان للعراقيين! بأن لا تخافوا ولا تحزنوا ، فوجود بريطانيا بهذا الثقل الدبلوماسي وبهذا المشهد غير المألوف مسبقا ، لسفير ووزيرة داخلية يتمشون ويأكلون ويشربون وبكل أريحية وأطمئنان ( وبلا حمايات كثيرة ، حتى لم يشعر بهم المواطن!) فهو يعني خطوة نحو الأمن والأمان للعراقيين! ، الرسالة الأخرى للمشهد البريطاني تقول ، أننا رجعنا للعراق الذي أسسناه عام 1921 ، ولن نسمح له أن يفلت من أيدينا مرة أخرى كما فلت في ثورة 14/ تموز/ 1958 والتي كانت أكبر مفاجأة لنا! ، كما أن المشهد بعث برسالة مهمة وهو أن الملف العراقي أصبح الآن أو سيكون بيد بريطانيا! ، بعد أن كان بيد أمريكا منذ 2003 ، والتي أوصلت العراق الى حالة الفوضى وعدم الأستقرار التي هو فيها بسياستها المجنونة!والمتناقضة بين الجمهوريين تارة ، وبين الديمقراطيين تارة أخرى! ، الرسالة الأخرى ومن وجهة نظري هو أن صورة الشرق الأوسط الجديد الذي يتم التخطيط له من قبل الدول الكبار بتقسيم وتجزأة جديدة ، سيكون فيه العراق من حصة بريطانيا!! ، كما في التقسيم الأول للشرق الأوسط بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى ( 1914 – 1918 ) حيث كان العراق من حصة بريطانيا . وهنا لابد من الأشارة بأن ما يحدث في سوريا يدخل ضمن صورة الشرق الأوسط الجديد الذي يراد رسمه من قبل الدول الكبار. أخيرا نقول :أن الأيام القادمة حبلى بالأحداث ولننتظر ونرى .