لم يكن في حساب الأمريكان ولا الخليجيين ولا الإيرانيين ولا الدواعش ما جرى من إنطلاق لظاهرة الحشد الشعبي . ولم تكن فتوى السيستاني الصحيحة تؤسس لهذه الظاهرة ، بل كانت دعوة للمواطنين للإلتحاق في صفوف القوات المسلحة العراقية القائمة حينها . ولو فعل المواطنون ذلك لكانت مسيرة نحو هلاك مؤكد ، في ظل الوضع المزري للقيادة السياسية والعسكرية قبل وبعد سقوط الموصل ، الذي اتسم بالفساد والصفقات السياسية وجبن الكثير من القيادات أو تواطؤها .
لكنّ خطأ معتمد المرجعية في كربلاء في إيصاله لرسالتها من خلال منبر الجمعة ، في ظل ارتباكه بعد وصول داعش للنخيب عند مشارف كربلاء ، خلق فهماً آخر كان العراقيون ينتظرونه ، أنه مفهوم التضحية .
فهبت العشائر العراقية الجنوبية التي تحمل روحاً علوية وموروثاً حسينياً لحماية البلاد والعباد من ذلك الشر المحدق ، ولأخذ ثارات أبنائها الشهداء .
لقد فهم الناس – بالخطأ – ان هناك فتوى للجهاد ، فيما كانت الفتوى تقتضي التطوع ضمن قواطع الجيش القائم الذي انهكته الخيانة وفقد العشرات من أفراده ومراتبه .
والدليل ان هذه الألوف من المتطوعين لم تجد من يستقبلها أو من يتابعها ، لا من الحكومة ولا من المرجعية التي نسبت لها الفتوى ، سوى ما كان من الفصائل الموجودة على الأرض فعلاً خارج سلطة تلك الحكومة وتلك المرجعية .
وقد حدثت حالة من الفوضى ، ابتدرتها مكاتب مرجعيات أخرى ومساعدات الجمهورية الإسلامية في إيران للملمتها وتنظيمها ، بالتعاون مع الفصائل التي كانت جميعها صدرية الانتماء . فحدث الانتصار .
لقد كانت تلك الظاهرة الخالدة رسالة إلهية لأمريكا بأن الله قادر على إبطال حساباتها من خلال ذات المؤسسة الصامتة التي اعتمدت عليها . وهو الصمت الذي من خلاله عبرت مشاريع رهن الثروة الوطنية للأجنبي .
ورسالة للقيادة السياسية في إيران ان الله قادر على صنع ما عجزتم عن صنعه لسنين في لحظة .
ورسالة للقيادات الخليجية ان الله قادر على إيقاف زحفكم المزمع حينها من صحارى السماوة وذي قار .
ورسالة لقيادات الإرهابيين ان الله قادر على كشف غطاء دعمكم الأمريكي .