بعد ايام سيطرق العيد الابواب , وسوف لا يأتي للبعض من اهلنا العراقيين ممن اضطروا للنزوح قسرا لأنهم يسكنون في اماكن ليس لها ابواب , فهم اما يعيشون في ( خرابات ) او في هياكل لأبنية لم تكتمل بعد او يفترشون ظلال سقوف افتراضية تحت الجسور او انهم يشغلون ابنية المدارس والمساجد , والكثير من النازحين سيتعذر عليهم عمل ( الكليجة ) كما تعودوا في ماضي الاعياد ولكن من السهل عليهم الصوم في ايام شهر ذي الحجة لأنهم لم يجدوا في الاصل طعاما بالقياسات الانسانية لثلاث وجبات في اليوم على الاقل .
نحن نعلم ان هناك الكثير من اهلنا النازحين بدون اي مورد لانهم كانوا يدبرون لقمة عيشهم من العمل بسيارات الاجرة التي لم يستطيعوا اخراجها عند النزوح او انهم يعملون في ( العمالة ) او لديهم ( جنابر) او ( بسطيات ) او انهم يبيعون ( الفلافل والعمبة والصمون ) وقد انقطع مصدر رزقهم لان بعضهم من يعيش في مخيمات تزودهم بالطعام في وجبة وتنساهم او تتناساهم في وجبات اخرى , او انهم يعتمدون على تبرعات الخيرين ( وما أكثرهم في هذه الايام ) , ونحن نعلم ان ان الكثير من وسائل الرفاهية قد غابت عنكم ولم تزيدوا غير عدد ركعات الصلاة لتضيفوا من الدعوات الى الله لكي يخرجكم من هذه الازمة بعد يأسكم رحمة من البشر والتدابير الحكومية اللازمة للتخفيف من معاناتكم على الأقل .
جميعنا نعلم المشكلة وحجم المصيبة ولكننا لانقوم بالحلول , فالاب عندكم اصبح قاصرا عن تلبية احتياجات العائلة وحين يسمع بالطلبات تهتز رجولته لانه لاحول ولاقوة له ,والام لا تملك سوى دعوة ابنائها وبناتها للصبر وهي تذرف الدموع وتنهال بالدعاء الى الله بأن ينتقم من الذي اوصلهم لهذا الحال , الاطفال في هذا العيد سيفتقدون الى شراء الملابس الجديدة وركوب المراجيح وزيارة مدن الالعاب , ولعل بعضهم سيبتكر طرق لتعويض النقص في العاب العيد ولكنه مجرد الهاء , بعضكم كان يتمنى ان تصله منحة المليون دينار التي تتبجح بها حكومة الشراكة وتعدها من أكبر المنجزات , وهذه المنحة وصلت لبعضكم ومن لم تصله ربما ذهبت لجيوب الفاسدين او انها وزعت لنازحين ( فضائيين ) , فقد خصص مجلس الوزراء ترليون دينار عراقي للنازحين ولكن اغلب العوائل النازحة التي نشاهدها في التلفزيون يقولون انهم لم يستلموا المنحة,وبماذا ستفيد المليون دينار وقد مر على النزوح قرابة الاربعة شهور فكل ما تعنيه بان المبلغ 250 الف دينار شهريا , وقد يطول النزوح لشهور ويبقى المليون ثابتا وغير قابل للزيادة بسبب العجز في الموازنة التي لم يتم اقرارها لحد الآان .
كثيرة هي همومكم , فنحن بشر مثلكم ونتحسس ما يدور في خلد الانسان , ولكن لسنا اصحاب قرار وكنا نتمنى ان تكون هناك منظمات مجتمع مدني حقيقية لكي تتبنى قضيتكم وتجعلنا شركاء في الحلول بما يمكننا ان نسهم بما نستطيع الاسهام به , ولكن اغلب هذه المنظمات التي لم نلمس وجودها الا بوسائل الاعلام شاركت الحكومة الفشل في التصدي لمشكلات النازحين , ووضعكم يذكرني باعصار كاترينا في الولايات المتحدة والزلازل في اليابان والفيضانات في شنغهاي فبعدها تمنى من خضع لهذه الاحداث المدمرة وقوعها من قبل لما تمتعوا به من امتيازات ورفاهية اثناء وبعد الازمات حيث تم تعويضهم بسكن وامور حياتية اخرى اضعاف اضعاف ما كانوا عليه .
اهلنا المنكوبين في النزوح , تذكروا كلمة المنكوبين في العقود السابقة وفي عهد الزعيم الراحل عبد الكريمقاسم , لا اريد ان اطيل عليكم او المتاجرة بمشاعركم , فما املكه من ردة فعل كوني عراقي ليس سياسيا او من اصحاب القرار , هو الاعتذار لكم اشد الاعتذار لاننا لم نفعل شيئا مهما لكم لاننا لانملك الوسيلة للفعل , والاعتذار ثقافة كان بودي ان يمارسها الجميع اتجاهكم وفي مقدمتهم الوزارات والجهات المعنية واصحاب القرار والسياسيين وبصراحة رغم اني لم اتمنى مصيبتكم ولكن كنت اتمنى وقوعها خلال فترة الدعاية للانتخابات , فما قدم لكم لحد الآن ينطوي على قصور وتقصير لانه لا يرقى بحجم المصيبة التي ألمت بكم لانها اعظم من كل الاجراءات , وما يشغل الضمائر الحية هو ما سيحصل لكم في القادم من الايام فالشتاء على الابواب , والاحتماء بالخيم من حر الصيف لا يشبه ابدا اخطار البرودة والامطار وما يترتب عليها من من سيول وفيضانات وأمراض , فنحن الذين لم ننزح بعد نفتقد الى البطاقة الوقودية ولم نحصل على قطرة نفط طيلة الصيف لتخزينه للشتاء كما نعاني من تدهور مواد البطاقة التموينية التي تحولت لرمز وطني كما نعاني من شحة الادوية في المستشفيات مما يعني ان الاغلبية تشارككم النزوح وان لم ينزحوا .