يا سيادة النواب، صرنا في العراق، لانحزن لموت فرد أو اثنين، ولا نهتم لانفجار يخلف عدداً بالآحاد، أو العشرات من الشهداء، فالتفجير الصغير، لايرهبنا، فهو جزء من حياتنا اليومية، قد يلفت انتباهنا تفجير كتفجر الكرادة، أو حادثة كحادثة جسر الأئمة، أو جريمة كجريمة سبايكر، أو خيانة كخيانة سقوط الموصل؛ وهذا بفضلكم!
يا سيادة النواب، في العراق، وفي قواميس قوانينكم فقط، تبقى الوزارات الأمنية، بدون وزراء لأربعة أعوام، وخلال هذه الفترة، تدار الوزارة بالوكالة، وبعدها يأتي وزير، ويتسنم مهامه بالأصالة، ويبدأ يعمل وينظم شؤون وزارته، وبعد عام تتم إقالته، ونبقى لعدة شهور، وسط صراعات سياسية وبلا وزير، ومن ثم نختار الوزير الجديد، وهو بدوره يهدم كل ما بناه سلفه، ومن ثم يبدأ هو بعمله، وبعد سنة تتم إقالته، ونظل ندور في هذه الحلقة المفرغة!
يا سيادة النواب، لانعلم كيف تتم إقالة وزير الدفاع، والبلاد في حالة حرب؟ وأيضاً لا وجود لوزير للداخلية؟ فنراكم مهرولين للظهور في شاشات الأعلام، وتطالبون بإقالة هذا الوزير أو ذاك من الوزراء الأمنيين، لم يهمكم أمر محافظات مشتعلة النيران فيها، ولاهمكم المهجرين والمشردين؛ كيف يعيشون وكيف يسكنون في المخيمات، كل همكم زحزحة الوزير الأمني أو العسكري، في هذا الظرف! أيّ سياسيين أنتم؟!
يا سيادة النواب، إن تماديكم بأرواح المواطنين بلغ حد لايطاق، فكيف لدولة في وسط دوامة من العنف والحرب، أن تقاتل بدون وزيري دفاع وداخلية؟ هل نحن أفضل من كل دول المعمورة، التي في يوم وليلة تشكل حكومة كاملة؟ أم أنتم أعلم من هذه الدول، التي أخذتم شهاداتكم منها كما تدعون؟
يا سيادة النواب أنسيتم أن “المؤمن أعظم حرمة من الكعبة” فلماذا نرى أن المنصب عندكم أهم من المواطن والوطن؟ أتغنمون كراسيكم رغم فسادكم؛ ويذهب الفقير يدفع ثمن فشلكم؟ إذا كان هذا هو منطقكم، فهو منطق غريب وعجيب! فأنتم لاتبالون لحرب ولا لقتال، ولايهزكم شباب تحترق أجسادهم وهم يصرخون، ولاطفل يموت على صدر أمه، ولا عائلة تفنى من الوجود بأكملها، لا أدري ما الذي يهمكم؟!
بسببكم تزدحم المقابر في الأعياد، فذاك طفل جالس فوق قبر أبيه، وهذا أبٌ متوسد على قبر ولده، وهذه أمٌ فاضت دموع الحزن من عينيها، وبدت لوعتها، وهي تحادث أبنها وتنظر لقبر فلذة كبدها، أتعلمون أن كل هذا بسبب صراعكم وفشلكم، وتماديكم بأرواح أبناء وطنكم؟ فمتى تتحرك ضمائركم؟!
أخيراً، لانريد منكم أن تتخلوا عن مناصبكم، ولانريد منكم أن تهجروا قصوركم، لكن نقول لكم إن أبناء هذا الوطن من شبابه، سالت دمائهم على سواتر القتال، بسبب فشلكم وصراعاتكم، ألا يكفيكم كل هذا القتل؟ أبناء شعبكم تحصدهم المفخخات بالعشرات والمئات، وأنتم تتصارعون! وإن شئتم وأبيتم؛ نطلب منكم أن تبعدوا أرواح المواطنين عن صراعاتكم، فقد قتل وهجر وضيع منهم الكثير، أما يكفيكم كل هذا؟!