23 ديسمبر، 2024 1:00 ص

أهم معالم الديمقراطية في البلدان المتحضرة، هي التظاهرات السلمية، التي تعبر عن رفض مجموعة من الناس، لقانون أو تطبيق محدد، أو مطالبتهم بحقوق ضمن أطر دستورية وقانونية، لا تتعارض مع مصلحة الدولة، وعلى الحكومة التصرف بما يضمن لهؤلاء المحتجين حقهم، ضمن حدود إمكانياتها المتوفرة.
غزت موجة الربيع العربي الشرق الأوسط، بعد فترة أنتهاء إتفاقية سايكس بيكو، التي في بنودها تقسيم الدول العربية، بين أقطاب العالم، وأحتلت فكرة التحرر والديمقراطية الوهمية، عقل الشباب العربي، ظنا منهم أنهم مخيرين لا مسيرين في الأختيار، فبدأ التغيير من تونس، بنار أحرقت جسد أحد شبانها، وأنتقلت إلى ساحات مصر، التي غيرت فتغيرت معالمها، وكلها شعوب تخرج من أجل شيء، ويتغير شيء آخر، لكننا كنا منتظرين متى يأتي دورنا في التغيير، لما مر علينا من خمسة عشر عام عجاف، سرح ومرح بها قادة الضرورة ومدعوا الأصلاح، وقدمنا بها المال والدماء الزكية، ويوم بعد يوم، ننتظر أن يمن علينا الرحمن بالتغيير، من هؤلاء الفاشلين.
بعد أن إنتهت حقبة داعش المظلمة، التي أستنزفت ميزانيات إنفجارية، وخسائر جسدية راح ضحيتها، العديد من الشباب العراقي، وبعد إعلان نتائج الإنتخابات، واللجوء إلى المحكمة الاتحادية، لغرض وضع النقاط على الحروف، وإعلان النتيجة النهائية، بدأ حراك التيارات من أجل سرقة لقمة العيش، وتشكيل حكومة على مقاسهم، بعيداً عن التفكير بهذا الشعب المسكين، الذي عانى الويلات وتجرع مرارة الحزن والأسى، وأصاب الجفاف رافديه، حتى بانت عورة دجلة الخير، ومات شعر الجواهري حزناً عليها، وكذلك الحرارة المرتفعة، التي تزامنت مع أنقطاع التيار الكهربائي، بسبب توقف خط الكهرباء المغذي من إيران المجاورة، كل هذا كان كافياً، لأشعال فتيل المظاهرات، في شوارع مدننا الشيعية.
المظاهرات السلمية، التي بدأت من بصرة الخير، وأمتدت إلى كل المدن الشيعية، وتفاقمت في نجف اللامرجعية، لن ندخل في معمعة لماذا فقط الشيعة هم من يتظاهرون، ولماذا تزامنت مع وصول بعض الكتل، إلى إعلان التحالف الأكبر في البرلمان، وطرح البعض خارج لعبة القمم السياسي، الأهم أن المظاهرات السلمية، خرجت عن المألوف، وتحولت إلى أحتجاجات أشعلت مقرات الأحزاب والتيارات، إلا من يملك السلاح فهو إله الأصلاح! ولا يمكن التقرب منه، راح ضحيتها العديد من الشباب، بسبب بعض المندسين التبعيين، الذين جعلوا إرادة المتظاهرين، مسيرة لا مخيرة.
بعد أن عجزنا عن فهم أيدلوجية فكر الشباب العراقي، الذي يهاجم صمام الأمان المرجعية، ويحابي عن الفاسدين، فرسالتنا إلى الإله! نتمنى منك أن تجعل الجو ربيعا على طول السنة، وتغيير الفاسدين والظالمين، وتهدي المنغوليين وتهجر البعثيين، وتكثر الأمطار علينا، وإلا سنهتف ضدك كما هتفنا ضد السيستاني، وما على المتظاهر إلا الهتافات.