الشيخ عبد المهدي الكربلائي والسيد أحمد الصافي .. السلام عليكما ورحمة الله وبركاته .. وبعد
فأنتما تعرفاني كما أعرفكما ..
سنين السجن لا تنُسى ، وتفاصيل ذلك الزمن الموحش مازالت حاضرة في ذاكرتنا ، حيث كنّا ، سوّيةً في سجن ( أبو غريب ) أواسط الثمانينات.
لا نزايد عليكما ولا تزايدان علينا ، تفاصيل الحياة في ( الجملون الثاني وقاعة ميم3 والساحة الكبيرة ) كانت مسرح لقاءنا الذي تعارفنا فيه .. ثم ماذا ؟
اخترتما طريقكما وسلكتما بمحظ إرادتكما درب الفقه والمكوث في بيوت الحوزة بين النجف وكربلاء ، تَدرسون وتُدّرسون حتى وصلتما إلى المرتبة التي نقلتكما لتكونا وكيلي السيد المرجع علي السيستاني .. ثم ماذا ؟
يا صاحبي السجن ، تأملا لحظةً في ماضينا ، ولمَ كنّا هناك ؟
أو ليس رفع الظلم ، كان شعارنا ؟ ومن أجل شعبٍ مغلوبٍ على أمره ، انتفضنا ؟ وفي سبيل حريةٍ وخلاص للمحرومين ، قدّمنا أرواحنا ؟
فأين أنتما مما كنا فيه ؟
إعلما يرحمكما الله ، أن لا وكالة المرجع الكبير ، ولا إعمار العتبتين ، ولا المشاركة في ركضة طوريج ، ولا اللطم على الصدر والرأس ، ستشفع لكما ، طالما هناك فقير يأن ومعوزٌ حائرٌ لا يجد لقمة عيش.
حين أفتيتم الجهاد ، هبّت الحشود تلبي ، أعطت الغالي والنفيس ، أعطت الدماء تلو الدماء ، وتلك مسؤولية لو تعلمان عظيمة ، لماذا ؟ لأن تلك الدماء ستسألكما ذات حسابٍ عن ما فعلتما لأيتامها وذويها.
يا صاحبي السجن ، أراكما تجاملان وتلمّحان ، كأنكما تخجلان من ذكر الفاسدين بأسمائهم ، أو على هيبتكما تخشيان ؟ أم حساب بعضهم تتقيان ؟ ما على هذا تعاهدنا في ذاك الزمان.
أخرجا من صومعتكما وانطلقا ، إلى المدن المسحوقة والقرى التي هتكها الفساد ، أخرجا إلى أطراف العشوائيات وبيوت الطين والتنك ، انظرا إلى أيتام آل محمد وأولاد علي ، كيف يعيشون ، وكيف على القمامة يفترشون.
إن شعبي يموت كل يوم ، فما أنتما صانعان ؟ صور الشهداء ملأت الأزقة الفقيرة ، ولولة النساء صكّت سمع الملكوت ، الجوع والمرض والحاجة تحاصر أبناء بلدي الحزين ، الذبح والسبي وهتك الأعراض ، نازحون وهائمون على وجوههم في البريّة ، أتُرى ، تجيء فجيعةٌ بأمضَّ من هذه الفجيعة ؟
يا صاحبي السجن ، لا يغرّنكما جموع المنتظرين ليقبّلوا أياديكم ، فهناك جموعٌ أخرى تنتظر أن تتحرك أياديكم ، لترفعوها دون خجلٍ أو خوف ضد الفاسدين الحقيقيين .. وبأسمائهم.
يا صاحبي السجن ، أأحزابٌ فاسدةٌ تحكم العراق خيرٌ أم دولة يُحترم فيها الإنسان ، ما تسكتون عنهم إلّا أسماءً نزّهتموها ورشّحتموها أنتم وأقرانكم ، ما أنزل الله بهم من سلطان ” إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ “
وإن حلمتما ذات صحوةٍ بعراق جديد ، فتأويل رؤياكما عندي ، ذلكم مما علّمني قهري ” إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ “
وإن لم تحلما فاعلما ، أني بِسم الشعب .. سأشكيكما إلى ربّ العزّة .. لأنني حتى الساعة ..
.. غير راضٍ عن أداءكما ..