18 ديسمبر، 2024 8:58 م

رسالةٌ الى بدر شاكر السياب

رسالةٌ الى بدر شاكر السياب

( الشمسُ أجملُ ماتكون في بلادي من سِواها ) …. كلماتٌ جميلةٌ قالها ابو ( غيلان )1 الشاعر الكبير بدر شاكر السياب .. قالها في زمنهِ الجميل .
ايها الشاعرُ الوطني ، لقد تركْتَ لنا بصماتٍ طيبةً في حب الوطنِ والوطنيةِ .. سمفونيات تركتها لتعيشَ في ضمائرنا ويعيشها الوطنيون والمخلصون من أبناء هذا الوطن الحبيب .. يتغنون بها وبكلماتها التي تداعبُ القلوبَ … يُنشدونها كلَّ حينٍ حباً وعشقاً بالوطن ، بلدك وبلد الجواهري والفراهيدي والمتنبي ونازك الملائكة .
ياسيدي ايها الشاعر العملاق أقولُ لك : انَّ البلادَ لمْ تعد نفس البلاد التي ذكرتَها في قصيدتك الجميلة وفي زمنك الجميل … ياسيدي ياأبا غيلان لو كنتَ حياً الآن لقلتَ : ( تمنيْتُ لو انَّ الشمسَ أجمل في بلادي من سواها ) .. لقد أصبح كلُّ شيئٍ جميلٍ أمنيةً وأحلاماً صعبة المنال … في بلادي عبثَ العابثون والغزاةُ ، وسرق السارقون وكثر المنحرفون والأفاقون … في بلادي أُنتُهِكتْ الحرماتُ … ياسيدي في بلادي تُسرَقُ لقمةُ الأيتام والأرامل وتمتلئُ كروشُ البعضِ من السحت الحرام … في بلادي يكثر الحمقى والسفهاءُ ، وتطفو على السطحِ فيالق الأنتهازيةِ .. ياسيدي في بلادي يكثر الذين يخافون الشمسَ ويكثر المطبلون والمزمّرون ووعاظ السلاطين …. في بلادي تنتعشُ تجارةُ بيع الضمائر والذمم والمواقف … في بلادي يكثر الذين ( يلهثون ) من أجلِ غنيمةٍ أو مكسبٍ رخيصٍ على حساب كرامتهم وتأريخهم ( انْ كان لهم تاريخ ) …….. ياسيدي أبا غيلان في بلادي يمرضُ الأذكياءُ وتُركَنُ المواهبُ وتموتُ البساتينُ ويموتُ النخيلُ والبرتقالُ …….. ياسيدي نحن الآن في سفينةٍ تتقاذفها الأمواجُ ولاندري على أيِّ شاطئ سترسو … سفينة ( بعضُ ) قادتها عقدوا صفقاتٍ مع الشيطان وباعوا الوطنَ بأبخس الأثمان …. نعم سيدي .. وفي بلادي لم نعدْ نسمع اغاني ( فيروز ) الصباحية ………. في بلادي كثرت المقابرُ وأصبحتْ السياسةُ تجارةً رائجةً رابحةً لكلِ من هبَّ ودبَّ …في بلادي هناك من يعيشون في بيوتٍ من الصفيح … وفي بلادي هناك مّن يصلّي في الليلِ ويسرق تحتَ الشمس ……. في بلادي من يريد تمزيق الوطن …… وفي بلادي ( قومٌ رؤوسٌ كلُّهم ) كما يقول الشاعر علي الشرقي ..
سيدي أبا غيلان لقد ماتت الكلماتُ في فمي لكن أقولُ وأتمنّى ان تتحول كل مساحات الفشل الى نقاطٍ مضيئةٍ ولسانُ حالي يقول : ( ماأضيق العيش لولا فسحة الأمل ) .
رحمك اللهُ ابا غيلان لقد رحلْتَ ونحنُ بعدك راحلون وربما لن نحصلَ على ( قبرٍ ) نُدفَنُ فيه ويضمُّ جسدنا من الكلاب السائبة ..
………………….
1 ( غيلان ) ابن الشاعر بدر شاكر السياب