ها أنذا أكتبُ اليك ايها الشيخ بعد ( ألفين وثلثمائة وأربعة وستين ) سنة على وفاتك ومغادرتك هذه الدنيا التي كنتَ تتمنى وتحلمُ أنْ تكونَ الحياةُ فيها فاضلةً ويكون المجتمعُ فيها فاضلاً . لقد تركتَ لنا ايها الشيخ اِرثاً كبيراً وعظيماً مازلنا نعتزُّ بهِ ونقرأهُ ، بعد انْ كتبْتَ ( جمهوريتك الفاضلة ) . ياشيخنا كم نتمنّى ونحلمُ معك في أنْ تكون ( جمهوريتنا ) فاضلةً تقوم على أساس العدل والأنسانية والصلاح والعقل . لقد علّمتنا ايها الشيخ كيف نبني الدولةَ العادلةَ وكأنّك قرأتَ المستقبلَ ، وعلمتنا كيف نكون أفراداً يُحبون العدالة من خلال تعريفك للعادل : بأنه ( الحكيم والصالح ) ، والمعتدي : بأنه ( الشرّير والجاهل ) . لقد وضعتَ أسسَ المدينةِ الفاضلةِ وهو ( مقترحٌ لمدينةٍ اساسها الأنسان نفسه سواء كان مسؤولاً أو موظفاً أو عاملاً كبيراً أم صغيراً رجلاً أو امرأةً …. ) . المدينة الفاضلة كانت أحد احلامك ، مدينة يجد فيها المواطن كرامته وآدميّته ويجد ارقى الخدمات وبأساليب حضارية بعيدة عن التعقيد والتسويف ، كان هدفك هو الأنسان وأنْ تكون الأخوّةُ اساس الرابطة بين الأفراد ثم المساواة والعدالة في المدينة المنشودة ، في كل مكانٍ فيها في العمل والمسجد والكنيسة وفي كل موقع . وانَّ المثاليةَ والوعي والرُقي تتجسدُ في كل وقت وبأرقى صورها وكذلك العدالة الأجتماعية التي هي جزء من عدالة النفس .. لقد كنتَ تتساءلُ ياشيخنا : ( هل نطلب القوةَ أم نطلب الحقَّ ؟ وهل خيرٌ لنا انْ نكون صالحين أم نكون اقوياء ؟ ) …
ياشيخنا : لِمَنْ نشكو ؟ وأينَ ؟ وقد اشتعلت رؤوسُنا شيباً . كنتَ تحلمُ .. وكنا نحلمُ ومازلنا نحلمُ بمدينةٍ يحكمها ( الحكماءُ ) ويسود فيها العدلُ والحق وأن نكون صالحين في دولةٍ عادلةٍ ُيُحتَرَمُ فيها الأنسانُ وتُصان كرامتُهُ …
ياشيخنا افلاطون : انهم تتارُ العصرِ ، لقد قتلوا الأنسان ومثَّلوا فيهِ وحرقوا الزرعَ والضرعَ .. لقد تلذّذوا بالدماء واغتصبوا النساء وكفروا بقيم السماء ، لقد سرقوا أحلامنا وأطلقوا عليها الرصاص ، مثلما فعل أجدادُهم حينما قتلوا ( الحسين ) عليه السلام لأنه اراد الأصلاحَ في أمّةِ جدّهِ … ياشيخنا : انَّ (البعضَ ) منّا قد صفّقَ لأولئك التتار ومازال يصفق .. وهناك منّا مَنْ كان ( كأخوةِ يوسف ) .. وهناك منّا مَنْ سرقوا رغيف الخبز من أفواه الجياع حتى امتلأتْ كروشُهم بالسحت الحرام .. كنا نحلم ُياشيخنا ……… لكن جاءنا بعض ( الذئاب ) على هيئةِ بشر .