يفترس العراق غول كبير مُسمى بالفساد، نشم رائحته ونعاني آثاره دون أن نراه أو نعرف شخوصه الرئيسين، وربما لدى كل فرد تصور عنهم، وكأن البلاد مطوقة بالفساد بقيود لا تستطيع جماعة فكها، وهو يحرك السياسة والجريمة والإقتصاد والأمن، وكأن الوطن وحش يفترس المواطن، وفي هذه الأجواء الملبدة، يخرج رئيس مجلس الوزراء من صومعته ومن على بركة الفساد، ومن شرفتة يخاطب عدة جهات، ويتفاخر بتقديم ملفات فاسدين الى هيئة النزاهة.
مَنْ المُستفيد من الخطوات المتأخرة،ة وبعد نهاية عمر الحكومة والبرلمان، وما هي الأدوات؟ وفي ظل المعطيات هل يمكن أن نرى الفساد يتهاوى، أمام ضربات العبادي التي يهدد بها منذ أربعة أعوام؟!
الفساد مستشري في أروقة الدولة، ومتجذر أكثر من الإرهاب وسبب له، وهما وجهان لعملة واحدة، وفي عام 2015م، قالها العبادي سأضرب بسيفين كل من الفساد والإرهاب، فتحقق النصر على الإرهاب بالإجماع الشعبي والسياسي، فيما تعمق الفساد تحت مظلة الحماية الحزبية وتراخي الحكومة، ومن كثرة الحديث عن ضرب الفساد، أصبح مرض مقاوم لكل الإدعاءات ولا أحد يصدق التصريحات، التي يدعيها رئيس الوزراء بضرب الفاسدين ولو بعد 100 عام، وكان جواب الشعب، من يعيش كل هذا العمر في ظل ظروف الحرمان وإنعدام الخدمات والفساد، ولم يُقدم سوى وزير الكهرباء في آخر أيام الحكومة، في ظل مخالفة كان المفترض فتح الأبواب لهيئة النزاهة والسلطات الرقابية، بدءً من مكتب رئيس الوزراء والى آخر فاسد.
هل الإجراءات ستأخذ حيز التنفيذ، وفي وقت سابق إرتدى رئيس هيئة النزاهة البزة العسكرية كمحارب للفساد، سرعان ما إنسحب ولم يسأله رئيس مجلس الوزراء عن الجهات التي هددت، وقَبٍل الإستقالة وأبقى على نائبه المتوارث في المنصب منذ عدة دورات؟
يحاول العبادي إطلاق جملة رسائل سياسية، وواضح أنه يبحث عن ولاية ثانية، بإقناع الأطراف السياسية والمجتمعية بخطواته، ويناغم خطاب المرجعية التي دعت أن يكون رئيس مجلس الوزراء القادم، حازم وقوي وشجاع، من جانب آخر يبتز أطراف سياسية في مفاوضات تشكيل الحكومة، ولا غرابة من عملية سياسية فيها من الإبتزاز بالمفخخات والإستجواب الكيدي السياسي، سيما من الإسماء من يرغب الحصول على موقع مرموق في الحكومة أو البرلمان القادمين، ونستذكر أحد الملفات التي أمسك فيها مسؤولاً بالجرم المشهود، والنتيجة حكم عام مع وقف التنفيذ، وغرامة 200 دينار وفي هذه الضوضاء يسأل المواطن، كيف يمكن للمسؤول البريءإسترجاع 50 دينار من ذمته النظيفة، ولا توجد في العراق هذه العملة؟! وكأن اللجان التحقيقية والإحالة للنزاهة مقابر للقضايا، ولا تبرز إلاّ إذا كانت ذات رسائل سياسية!!