إلى الحسين بن علي ع
سلاما عليك سيدي ومولاي سلاما يمتد إلى ألف وأربعمائة عام عشتها في وجدان وضمير المحبين سلاما تقاطر بعدد دموع الذين هزهم الشوق إليك..
نظر تفحص إلى أي حب لا يمكن أن يوصف بالديمومة مهما كانت دوافعه وأسسه ومهما طال به الزمن كان إلى زوال إلا عشقك وحبك والارتباط بك يا حسين فقد أذهل العقول وحير القلوب ودامت حرارته بدوام ذكرك .
سيدي أنت الذي عشت فينا ذكرا نردده منذ نعومة أظفارنا وحتى شيخوختنا وهرمنا وقد عشت في سلفنا وخلفنا كما عشت فينا وما زلنا نترقب هلال محرم الذي لنا معه موعد ولقلوبنا معه وقفه ..
رغم كل ارتباطنا بك يا أبا عبد الله ورغم تقادم السنين وتعدد الطقوس إلا إننا ما زلنا لم نوف حقك ولم نؤد فرضك .
الحسين ذلك الطود الشامخ الذي شق عنجهية التاريخ بعصا التضحية وما زال متربعا على عرش الخلود في ضمير الأمة ..
لقد تعودنا قراءة عاشوراء الحسين من خلال ما تمليه عليه أحوالنا , من خلال خطباء المنبر , من خلال البحوث والكتب , من خلال تجسيد الواقعة , من خلال الطغاة ومحاربتهم لذكره , من خلال البغاة وتعديهم على محبيه ومريديه , إلا انه ما زال بيننا وبينه بون شاسع لا يمكن لم شمله وهوة كبرى لا يمكن ردمها .
لقد ضحى الحسين وكان من الممكن إن ينجو فيخبرنا التاريخ إن جيش الحر حينما لاقى الحسين قبل كربلاء لم يبغ الحرب(وان كانت نية مبيتة) بل أراد إن يجعجع بالحسين ع إلى غير بلاد المسلمين .
رغم ذلك أصر على مبدأه من اجل أن يتم قدره الذي لابد أن يثبته للأمة والتاريخ رغم علمه (من خلال ما اخبره جده النبي أو من خلال علمه الذاتي) بأنه سيقتل أبشع قتله وسيمثل به ما لم يمثل بأحد قبله ومضى إلى مصيره المحتوم .
إن ما نقدمه للحسين لا يتعدى الشكل أو إرضاء الذات واثبات الوجود الذي يقدمه الإنسان لذاته لا لغيره فان المظاهر العاشورائية إنما هي في صميم إرضاء لذواتنا وان كان للحسين نصيب فهو ضئيل .
الحسين صنع الثورة وقدمها للأمة بالطبق الذي قدم به رأسه ليزيد فقد خاطب الأمة بان من أراد التغيير عليه بالتضحية وعليه بخوض الصعاب وبذل الغالي والنفيس من اجل الهدف الذي يثور في سبيله . إن الأمة التي يقودها الحسين امة عصية على الذل والهوان امة تنتزع حقوقها من قبل غاصبيها امة يحركها الوجدان والضمير..
فعذرا لك سيدي أبا عبد الله عما قصرنا به تجاهك ونحن محبيك وتابعيك سيدي إننا لم نملأ نفوسنا من فيض ثورتك سيدي ألف وأربعمائة عام لم تحيي في نفوسنا الحسين بقدر ما أحيت اللطم على الحسين والبكاء على الحسين والتطبير على الحسين . ألف وأربعمائة عام نعيش ظلمانية عاشوراء وما وقع على الحسين واله من ظلم وقتل وتفجيع ولم نعش نوارنية نهضة الحسين من قوة في تبني العقيدة وتضحية من اجل المبدأ والمطالبة بالحقوق ومجابهة الأعداء والنفس .. لم نعش تلك النورانية التي تقتل فينا النفاق والشقاق والانكفاء على الذات والعشيرة والحزب وتغلب الجهوية ..
يوحدنا الحسين وتفرقنا أهواءنا المريضة ..
فعذرا سيدي مما قصرنا به تجاهك …
فعذرا سيدي لأننا لم نوف الدين إذا أخذنا منك ولم نعط لك..
فعذرا سيد لأننا جعلنا رمزا نلوذ تحته ولم نجعلك منبعا نستلهم منه ..
فعذرا لك سيدي إن كان العذر ينفع وعذرا عسى أن ننتبه ونصحو من هجعتنا ..