مشهد يراه العراقيون منذ تأسيس مجلس من يُطلق عليهم الممثلين عنهم -كما يفترض- من دون إحداث تغييرات، وإن حدثت فهي للأسوأ، في الوقت الذي تُطرح فيه أسئلة كثيرة تنتظر الإجابة وتتعلق عليها مصائر الملايين، لعل رؤوس الأقلام أدناه تكشف شيئا مما يراه العراقيون في مجلسهم:
– مجاميع من شخصيات تتصارع فيما بينها، وتتبادل الأدوار بحرفية عالية تفوق نجوم هوليود، من أجل تمرير مايحلو لها او لآخرين من قرارات ومشاريع قوانين.
– نمطية ثابتة يتعنت بها النواب منذ جلوسهم تحت قبة مجلسهم حتى لحظة إعداد هذا المقال، تطغى عليها سمات اولها النرجسية، ثانيها الأنانية والذاتوية، ثالثها الوصولية بصرف النظر عن حجم الثمن المدفوع، رابعها اتباع مبدأ: أنا وليكن الطوفان من بعدي.
– مطمطة وسفسطة و(طول خلك) بما لايعود بالجدوى النفعية العامة ومصلحة البلاد.
– إسقاطات وإيقاعات متبادلة بشكل مطرد، واتهامات وخصومات تتطور فتصبح صراعات ومنابزات، هي الأخرى تتطور فتتخذ من الأيادي او الملبوسات بأنواعها أداة للتفاهم وإثبات الحق، حيث تنعدم أدوات الإثبات المعهودة.
– تمشية وقت او في حقيقة الأمر مضيعة وقت، لاتلبث ان تنتهي بإعلان تأجيل الجلسة، يوما او يومين، ولطالما تمدد التأجيل الى أسبوع أو أكثر، وغالبا ما يُختلق سبب ليكون التأجيل مدة أطول.
– في نهاية المطاف الطويل جدا، يتم الإعلان عن إجازة تشريعية، ثلاثين يوما او أكثر.
– سكون وهدوء تمر به القوانين والمشاريع والقراءات في رفوفها، فتنام تحت تراب التراكمات السابقة، الى دورة ثانية لن تكون إلا توأم الأولى.
هو سبات تعود عليه العراقيون، لكثير من القرارات، لاسيما تلك التي من شأنها رفع مستوى معيشة الفرد العراقي. وبرلماننا باق على موبقات نوابه -ورؤسائه طبعا- منذ ولادته، متلكئا في سن القوانين وإقرارها، تحت سقف زمني معقول او نصف معقول او حتى مجنون، إذ يدخل مشروع القرار بوابة مجلس النواب، ليصطف في طابور أفعواني، مع سابقاته من مشاريع القرارات التي بدورها قلّبتها القراءات بين أولى وثانية وثالثة، وكذلك التأجيلات بين فصل تشريعي وثانٍ وثالث.
وقطعا بين تأجيل وتأجيل هناك محارق داخلية تغذيها أذرع أخطبوطية خارجية، وبذات الوقت هناك طبخات على نيران هادئة تنضج في مكانات عديدة من البلد، منها في الاقليم وأخرى في الغربية وثالثة في الجنوبية، ورابعة كركوكية وخامسة من كل فج عميق، فيما تستمر تصريحات النواب وتعليقاتهم، وهي توهم السامع والرائي والقارئ، أنهم غاية في المثالية والروح العالية في تحمل المسؤولية، فيما هم في حقيقتهم أبعد من الالتزام والانضباط بعد المريخ عن الزعفرانية.
ولا يخفي أن رئاسة مجلس نوابنا، كانت قد دعت قبل سنوات أعضاء المجلس، الى الالتزام بالدوام والمواظبة على حضور جلساته، وأبلغتهم بانها ستقوم بفرض غرامات على المتغيبين منهم. والسؤال هنا: هل نفذت هذه الآلية بشكل صارم او سطحي او حتى (جفيان شر ملّه عليوي) بشكل او بآخر، بحق عضو متغيب او متأخر عن جلسات المجلس؟ هم يحضرون لإكمال النصاب اذا كان الأمر يهمهم او يهم أسيادهم، وليتهم كانوا قد حضروا (لسواد عيون العراقيين).
على هذا المنوال تحول مجلس النواب من سلطة تشريعية، الى قوة معارضة للسلطتين التنفيذية والقضائية، فضلا عن معارضته إرادة الشعب ومصالح البلد، فخاب ظن الأخيرين به وتجسد فيهم مثلنا: (ردناك عون طلعت فرعون).
[email protected]