نشر مقال للكاتب كامل علي يوم امس السبت 1642016 من على موقع كتابات وقبلها في عدة مواقع اخرى يدعي فيها الكاتب ان من الادلة على بشرية القران وانه حديث بشر وليس منزل من الله تعالى وهذا الدليل هو( حديث الغرانيق ) حيث يدعي ان محمدا وفيما هو بين قومه اذ نزل عليه القران في سورة النجم فاخذ يقرأ (أفرأيتم أللات وألعزى * ومناة ألثالثة ألأخرى * تلك ألغرانيق ألعلى * وإنّ شفاعتهن لترتجى ) لان محمدا انما اراد استمالة قومه لعلهم يؤمنون برسالته عندما ذكر آلهتهم بخير كما يدعي الكاتب وهذا دليله على بشرية القران , ثم يضيف ان محمدا اعتذر بعد ذلك عن هذه الاية التي امتدحت آلهة قريش بآيات اخرى وحسب قوله (ثم أنّ محمدا أعتذر عن ذلك في آية أخرى وردت في سورة ألحج وهي : ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى ألشيطان في أُمنيته فينسخ ألله ما يُلقي ألشيطان ثم يُحكم ألله آياته وألله عليم حكيم * ليجعل ما يُلقي ألشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض “…. سورة ألحج ألآيتان 52-53.) ..
هذا تقريبا اهم ما جاء في مقاله .. فاقول ردا على هذا المقال المليء بالمغالطات والاكاذيب والتجديف على نبي الاسلام محمد صلى الله عليه واله كما انه ليس الاول من الكتاب والمؤلفين والمغرضين الذين كتبوا عن حديث الغرانيق المزعوم فان هذا الحديث ليس جديدا فقد تناوله الكثيرون قبله وخصوصا من المستشرقين ولكن الكاتب يريد اثارته في هذه الفترة الزمنية التي تواجه بها الامة عموما والعراق خصوصا هجمة شرسة من كل الجهات ونتيجة الضعف الحاصل في المنهج الفكري عموما والتفات الناس على حاجاتها الضرورية وعدم الاهتمام لهذه الطروحات اما بسبب الحروب او المعاناة والعذابات التي تواجهها الانسانية عموما وامتنا واستغلالا منه للمحنة التي يعيشها الشباب اليوم من الضياع والتهتك والتميع بسبب دخول التكنولوجيا والصورة المؤثرة بين يدي الشباب الذين فقدوا الرابط بينهم وبين تاريخهم وراحوا يبحثون عما يغذي طموحاتهم الفكرية من هنا وهناك وليس من المنبع الاصيل والفكر الرصين وباعتباري احد اتباع المرجع العراقي العربي الاعلم السيد الصرخي فاني سوف احاول الرد على مقالته ردا اخر لا استعين به على ردود علمائنا السابقين الذين لم يخطر ببالهم ان الهجمة ضد الاسلام ستكون بهذه القوة والظلم والشناعة وبهذه البشاعة اللااخلاقية التي لا تعرف الرحمة وقد علمنا المرجع الصرخي على الاسلوب العلمي والعقلي والشرعي والاخلاقي في الرد على التخرصات والاراجيف التي تستهدف الاسلام ونبيه الكريم كيف لا وهو المحقق البارع الذي وقف بفكره وعلمه ليحطم دعائم وأركان الباطل والفساد بكل قوة وجرأة
لم نعهدها في تاريخنا المعاصر ..لا نرد كما رد الاخرون بفتاوى هدر الدم او التكفير او الاقتتال كما فعلها المحسوبين على الدين والعلم في الحاضر والماضي ضد سلمان رشدي او ضد الشيوعية او ضد ما يسمى بداعش لعدم قدرتهم على الرد وضحالة مستواهم العلمي وتفكيرهم البائس واستخدامهم للقوة والبطش وسفك الدماء حتى وصم الاسلام اخيرا بالارهاب وبسببهم طبعا ولم يستفيد من تلك الفتاوى سوى المتطرفون وداعش والقاعدة وامريكا وايران حيث ان فتوى الاقتتال الطائفي على سبيل المثال لا الحصر بأعتبارها سارية المفعول و التي اطلقها السيستاني لم يستفد منها سوى داعش حيث حشدت طاقاتها ومتطرفيها بأن يلتحقوا ويتكاثروا ويزدادوا عددا وعدة حتى اصبحوا بالالاف وكانوا قبل ذلك يعدون بالعشرات كما ان المستفيد الاكثر من تلك الفتوى هي ايران حيث استغلتها لتزيد نفوذها في العراق وتقوي مليشياتها ووجود حرسها الثوري على كل حال فان الرد على هذا المقال وبكل بساطة في عدة مستويات ..
المستوى الاول ..
يقول الكاتب ( ان محمدا كان بين قومه عندما نزلت عليه سورة النجم حيث كان محمدا يريد استمالة قومه فمدح اصنامهم في حديث الغرانيق ) وقول الكاتب ان محمدا كان بين قومه عندما نزلت سورة النجم يتأكد لنا ان النبي كان في مكة اي قبل الهجرة وكما معروف في كتب السير والتاريخ والتفسير ان سورة النجم هي مدنية اي نزلت بعد الهجرة في المدينة المنورة وقد اطيح بكل الاصنام في مكة فقد نقل الطبرسي عن الحسن البصري أنها مدنية، كما نقل عن قتادة وابن عباس أنها مدنية (مجمع البيان ج٩ ص٢٥٨ونقل القرطبي وجود قول بأن السورة كلها مدنية. (الجامع لأحكام القرآن ج١٧ ص٥٥) كما ان الامام الصادق عليه السلام ذكر انها نزلت في يوم الغدير في «شرح الأخبار للقاضي النعمان عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: لما نصب رسول الله صلى الله عليه وآله عليا ، وقال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، افترق الناس في ذلك ثلاث فرق ، فرقة قالوا : ضل محمد ، وفرقة قالوا : غوى ، وفرقة قالوا : قال محمد في ابن عمه بهواه . فأنزل الله تعالى : ﴿ والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى. ﴾ »بحار الأنوار ج٢٤ س٣٢٣، شرح الأخبار ج١ ص٢٤٣(وهذا الحديث يؤكد ان الواقعة وقعت بعد الهجرة كما هو المعروف في يوم الغدير اما اية الاعتذار كما يزعم الكاتب فانها مكية اي سورة الحج (فقال الداني في كتابه البيان في عد آي القرآن: سورة الحج مكية ) (وقال مجاهد: هي مكية إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة هذان خصمان تمام ثلاث آيات ولم يذكر منتهاهن، وروي ذلك أيضا عن ابن عباس، وقال قتادة الحج مدنية إلا أربع آيات ) .
ومن هنا يتبين ان سورة الحج والتي تتضمن الاعتذار ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى ألشيطان في أُمنيته فينسخ ألله ما يُلقي ألشيطان ثم يُحكم ألله آياته وألله عليم حكيم ) هي سابقة لسورة النجم ومن هنا يتبين بطلان هذا الدليل الذي قدمه الكاتب فكيف يكون الاعتذار قبل نزول الاية التي تخص حديث الغرانيق ان هذا من سخف القول غرورا ..
المستوى الثاني ..
ان الاية التي نزلت في سورة النجم وهذا نصها (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان .) فلو تمعنا نص الاية الكريمة فانه سياق متصل حيث تذكر في ختام الاية ان آلهتكم ان هي الا اسماء سميتموها انتم وابائكم ما انزل الله بها من سلطان فلو تنزلنا جدلا وان النبي حاشاه ذكر الغرانيق بعد عبارة ومناة الثالثة كما قال الكاتب بهذه الصورة ( أفرأيتم أللات وألعزى * ومناة ألثالثة ألأخرى * تلك ألغرانيق ألعلى * وإنّ شفاعتهن لترتجى) يتبين الاختلاف والركاكة والتباين الواضح فكيف يقول وان شفاعتهن لترجى ومن ثم يقول في الاية التي بعدها( الكم الذكر وله الانثى ) الى اخر الاية التي يؤكد فيها القران انها مجرد اسماء سميتموها انتم وابائكم .. اليس هذا قمة التناقض فكيف صدق به قومه وسجدوا كما يدعي في مقاله ..ثم ان الرسول محمد صلى الله عليه واله عرض عليه قومه كل شيء من اموال وملك ورئاسة في وقت كان وحيدا ليس معه اي نصير او تابع ورفض ذلك مطلقا وقال قولته المشهورة ( والله لو وضعتم الشمس عن يميني والقمر على يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى اهلك فيه او يظهره الله ) فكيف يتنازل بهذه البساطة ويمدح آلهتهم واصنامهم .. ولو كان حديث الغرانيق صحيحا لما سكت الناس انذاك ولم تسكت قريش ولما وقفت مكتوفة الايدي وقد قال ذلك على مسامعهم كما تدعي وادعى غيرك ولكانوا قد استخدموا هذا الحديث سلاحا فتاكا وحجة دامغة ضد رسول الله صلى الله عليه واله ولكنهم لم يجدوا امامه سوى الاستسلام والاذعان والخضوع لما جاء به من ربه من نور واعجاز ..
المستوى الثالث ..
ان الكاتب نفسه يعترف بان القرآن منزل من السماء عندما قال (فبينما هو ذات يوم في نادي قومه، وهذه ألفكرة في نفسه، نزلت عليه سورة ألنجم فأخذ يقرأها حتى قرأ :” أفرأيتم أللات وألعزى * ومناة ألثالثة ألأخرى ) .. فهو يعترف بان الاية قد نزلت عليه وقرأها ومن هنا فهو يناقض نفسه بقوله ان القران بشريا ومن فمك ندينك
المستوى الرابع ..
ان الافتراءات التي لاحقت رسول الله ونسبوها اليه ليست جديدة كما قلنا ولم تكن قليلة ايضا وطيلة اربعة عشر قرنا من التكالب والاكاذيب والمفتريات والدجل والنفاق ومن شتى صنوف الناس والحضارات والامم الاخرى من اليهود والفرس والغرب والمستشرقين ومن نفس امة الاسلام ايضا كيف لا وهو النبي الاعظم الذي جاء بدين الانسانية والرسالات واسس لحضارة عظيمة امتدت وخلال فترة وجيزة الى مساحات شاسعة في العالم , وشاهدنا في عصرنا مرجعنا السيد الصرخي فان الرجل لم يكن نبيا او اماما بل كان مرجعا مصلحا وقف بوجه الفساد والظلم والطائفية والجهل كيف شنوا عليه الهجمات والافتراءات والاكاذيب والحرب والطعن والسب والشتم والاشاعات رغم ان مؤلفاته وعلومه ومحاضراته ومواقفه وبياناته حاضرة وموثقة في الكتب وعالم النت والاعلام وغيرها وخلال عشر سنوات فقط فكيف تريد بالنبي الاعظم محمد صلوات الله عليه واله ومنذ اربعة عشر قرنا لا يتعرض لهذا الهجوم والمفتريات والتدليس والوضع كما في حديث الغرانيق الكاذب الموضوع الذي لم يذكره اسلافنا المسلمون الاوائل وانما دس فجأة في بعض الكتب والمؤلفات ظلما وعدوانا وزورا في عصور متاخرة ..