23 ديسمبر، 2024 10:16 ص

ردا على طروحات الكاتب غالب الشابندر..العراقيون يريدون حاكما دكتاتوريا عادلا..لاديمقراطيا ظالما !!

ردا على طروحات الكاتب غالب الشابندر..العراقيون يريدون حاكما دكتاتوريا عادلا..لاديمقراطيا ظالما !!

الديمقراطية يا سادتي الكرام لاتعني اننا نمارس السب ونكيل الشتائم من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام الأخرى ونوزعها عليها بالتساوي، لأن الحاكم بأمر الله ديمقراطي وهو يتقبل الشتيمة برحابة صدر!!
كما ان الديمقراطية لاتعني اننا ينبغي ان نسبح بحمد السلطان ونقدم له قرابين الطاعة والولاء ، لأن الحاكم بأمر الله دكتاتوري ويوزع علينا الظلم بالتساوي، ويستبيح الحرمات وينتهك الاعراض، ونحن ليس أمامنا الا ان نقدم له رقابنا لكي تقتص منه سكينته، بما يروي عطشه الى الدماء!!
والديمقراطية لاتعني اننا نفضل الارتماء في احضان ايران او السعودية او قطر او تركيا أو بلاد العم سام، بل الديمقراطية تعني ان تكون لنا الكلمة الفصل في التحكم بمقدراتنا ونحن من نقرر شكل النظام الذي نريد!!
الديمقراطية هي ليست ملاه  ليليلة ترقص فيها بنات الهوى وتوزع علينا علب الليل، لكي نقضي شهواتنا ونسلم أمرنا الى من ارتضينا ان نكون قد سلمنا بأيديهن اقدارنا، ونحمل كؤوس الشراب لنكرع من طعم الديمقراطية الذبيح ما يرضي شهوتنا الى القتل والاجرام وممارسة الدعارة على مرمى ومسمع الشعب الجائع!!
والديمقراطية لاتعني اننا سنقطن المساجد والجوامع ونحمل سكاكين الغدر لنذبح بها ابناء الطائفة الاخرى لأنهم يؤمنون بمنهج آخر لايتوافق مع ما نؤمن به من مسلمات، ونشجع على ان يحمل كل منا السلاح ليقتل اخيه الاخر أو نوزع عليهم السكاكين لكي يقتصوا من رقاب ابناء الطائفة الأخرى ارضاء لشهوات هذا الدعي أو ذاك!!
الديمقراطية ياسادتي الكرام ليست توزيع الظلم على العراقيين بالتساوي ولا تعني توزيع المذلة والإمتهان لكرامة الانسان على العراقيين بالتساوي، لأن العراقيين هم اولى بالحرية التي لاتستعبدهم وان يحظوا بحاكم عادل حتى وان كان دكتاتوريا على ان يأتيهم حاكما يرفع رايات الديمقراطية ، وهو يمارس الظلم وينشر الفاحشة ويضيع دم ابناء شعبه بين القبائل!!
الديمقراطية أخلاق ومنطق وقيم ووممارسات وفضائل ، تحترم فيها كرامة الانسان وتعلو من شأن البشر، وتقدر توقهم الى ان يكون لديهم نظام سياسي يبني دولة القانون والمؤسسات لا الفوضى والفلتان وغياب كل نوع من انواع العدالة!!
والعدالة يا سادتي الكرام لاتعني توزيع سياط الظلم على العراقيين ، بل العدالة تعني ان نرفع من قدر العراقيين ومن شأنهم بين شعوب الارض، لكي يحترمنا العالم ويقتنع اننا نمارس الديمقراطية كما يمارسها العالم الاخر ودوله، بطريقة حضارية ينساق الى ممارستها كل راغب بالسير في طريق النهوض ومغادرة الزمن الرديء الى غير رجعة!!
الديمقراطية ليست في توزيع الخراب والدمار على محافظات العراق ومناطق مدنه واحالتها الى اطلال دارسة، بل الديمقراطية تعني ان نحافظ على بقايا العمارة والانسان والحرث والشجر، لا ان نفجر البيوت ومساكين البسطاء وننبش المقابر ونحول ارض تلك المنطقة او تلك الى ارض جرداء يحوم خراب الحطام حول مدنها حتى تنعى اثارها الطيور قبل الانسان!!
الديمقراطية ان نؤمن بأن نحترم خيارات شعبنا وما يؤمن به من وسائل عيش تؤمن له الكرامة ويغادر ممارسات استلاب كرامته او الدوس على مقدساته وتركيع كل من يختلف معنا في الرؤية والمنهج وان نجتثه من على وجه الارض!!
وأخيرا فالديمقراطية لاتعني حكم الشعب كما يمكن تفسيرها حرفيا بالأغلبية او الاقلية كما يحاول البعض الترويج لها، بل تعني ان الشعب هو من يسير الحاكم وهو من يقبل به او يرفضه ، على قدر ما يتركه من معالم خيرة او سلوك شرير!!
أما ان يمارس البعض تحت دعاوى حكم الشعب حكم الغوغاء فهذا ابعد مايكون من الديمقراطية في شيء، بل قد يكون من يمارس الدعارة دون أن  يؤذوا أحدا  أشرف عند رب السموات والارض من ( مؤمن ) يدعي الايمان وهو يتخذ من التقوى وسيلة لارهاب بني شعبه ليفرض عليهم اتاواته ومن يود ممارسته من انماط حكم تعود بنا قهقريا الى الوراء تذكرنا بعهود القرون الوسطى..لا والف لا..
لقد قال الفلاسفة والحكماء في قديم الزمان: حيثما تكون الحرية يكون وطني ..لا أن تمتد الى رقبتي سكاكين الغدر لتقتص مني، لمجرد انني أؤمن بأن كرامة الانسان فوق كل شيء!!
إن رب السموات والارض لايريد ان نبني مدنا يقطنها الخراب والدمار ونشعل الفتن والحروب ونشيع الاقتتال بيننا ، بل انه سبحانه يريد أن نبني مدنا فاضلة تنعم بالامن والسلام والطمأنينة ويشعر فيها كل انسان انه جزء من كيان هذا البلد، ويشعر بقيمة انتمائه هذا، حقا وحقيقة!!
وعندما نبني دعائم الديمقراطية العادلة عندها نكون قد بنينا لها واحات خضراء جميلة، بدل برك الدماء التي تنساب فوق ترابنا وتذهب أرواح البشر هدرا ودون وجه حق، لأن البعض لم يرتو بعد من عطش السلطة ولا من ثارات الزمان ، وهو يريد ان يمارس سياسة فرض هيمنته المطلقة على مقدرات الاخرين، ليستلب ارادتهم ويحولهم الى عبيد أذلاء يقدمون له فقط قرابين الطاعة والولاء الاعمى، تتصاعد من أفواههم صيحات الغضب وصب اللعنات لأن الاقدار اللعينة وضعتهم في هكذا أحوال وأهوال ومصائب ونكبات!!
والحاكمون بأمر الله  لايشبعون من اكتناز الثروات ولا كل بحور الدم التي سالت ، وهم يمارسون الضحك على ذقون الفقراء وينشرون الرذيلة والفاحشة بين أوسااط جلدتهم ، لمجرد انهم قبلوا ان ينحروا لهم رقابهم كالأغنام دون ان يرفع أحد صوته بوجه الظلم ليقول لممن يمارسه : كفى ظلما ايها الجبابرة..فقد اتخمتمونا بديمقراطية الدم اللعينة ايها الظالمون!!
نريد ان نبني ديمقراطية تسقينا طعم الكرامة ونشم من عبقها نسائم الحرية التي يشعر فيها كل انسان ان لاوصاية لبني البشر على الاخر، وهذا هو طريق الديمقراطية المعبد الى حيث معالم المدنية والتحضر والشعور بمعنى الحياة ، ولنودع سنوات الخراب والدمار والفقر والظلم والضيم وممارسة الاضطهاد والفوضى والفلتان، ليعم البلد السلام ، ونحل بدلا عن كل هذا الذي ارتكبناه من فواحش : الأمن والأمان !!