القسم الثاني
ليس من قيم ومبادئ الحوار أن يتسارع مستجد على ساحته بالأقوال دون تفكير ولا روية ، إلا إذا كان مبرمجا للرد نيابة عن حزبه المنهار ، في أن يطلب ممن تعلم ألف باء الحروف منذ الصغر ، وقرأ وكتب متواضعا نقشا على الماء والحجر ، أن يكون واضحا وجريئا بالعلن ، وهو يعرف أن من يخاطبه أكثر وضوحا ودقة وجرأة فيما يكتب بالعلن من أي من أعضاء حزبه ، العاجزين عن الإجابة على ما يتوجب عليهم بيانه وإيضاحه ، كما إنه لا يعرف أن الكتابة وسيلة للتعبير بالسر والعلن ، وليست غاية إلا عند من يشعر بالنقص الثقاقي ولا يعرف كيف يضع المعنى والمقصود من الكلم ، أو عند من يوجهون بيادقهم بالقول أو بالفعل بدون معرفة أو علم ، وقد أبتلينا بمن لا يحسنون صناعة الألفاظ وإستخدامها ، ومن المؤكد أنهم يكتبون ما يمليه عليهم من يعتقدون بصحة قوله وإن كان على خطأ ، وعليك تحمل لغو الجدل وثرثرة المتفيقهين ، وضعف متانة ورصانة وقوة الرأي الفاقد لمقومات السداد والأمل . والأنكى من ذلك أن يلتزم الصمت من لا يتوجب عليه الإمساك عن الإدلاء بما هو مطلوب منه ، لأن غايتنا نشر الوعي الثقافي والفهم السليم لمقتضيات ومتطلبات الحوار ، وإن دفعنا ثمن ذلك بأي شكل أو صورة قد تضر ولا تنفع ، ولكننا من آثر على تقديم المصلحة العامة على الخاصة فكرا وممارسة ، ولا يعنينا ولا يمثل لنا عدم رضا فلان أو علان من شيء في الميزان ، لأن ذلك من موانع وحواجز أداء الواجب الذي فطرنا عليه ، وحتى لا نسمح لأي كان من المتطفلين من تجاوز حدوده بإشاعة المعلومة الخاطئة وتفشي أدرانها من غير صد ومعالجة ، مع إن الموضوع فيه تعدي واضح ومقصود ، بعد عجز العديد من الدمى المتحركة على صفحات التواصل الإجتماعي من تأكيد أو نفي مصداقية الحوار للأسف الشديد ، وكما يعلم الجميع أن ذلك ليس بالإعتداء الأول ولن يكون الأخير ، وعزائي في كل مرة أن لم يكن المعترض من هو أهلا لذلك ، ولا أدري كيف يكون معلما ؟!، من لا يعرف التقييد بشروط الرصانة والسلامة الفكرية من ضوابط الرأي والرأي الآخر ، إلا إن المبرمج على القول نيابة عن غيره ، لا يهمه أن ينتهي بجملة ( رد غير لائق ) وإن لم يفهمها ولا يعي أبعادها ( ونحن فعلنا ما يليق من الوفا … فلا تفعلوا ما لا يليق من الغدر ) . وقد ينسجم تعبير (غير اللائق) مع الخلط غير المتجانس والتناقض في جميع الأقوال غير المتطابقة مع المقاييس المقبولة للذوق العام وآدابه . خاصة في تحديد مخاطبتي للناس على أساس العواطف خلافا للواقع ؟!، ولا غرابه في صدور ذلك ممن لا يعرف ولن يفهم ، أن القانون لا يخاطب عواطف الناس مثلما يفعل أعضاء الأحزاب الفاشلة والفاسدة والمنهارة فكرا وممارسة ، لأن القانون ( مجموعة من قواعد السلوك العامة المجردة ، المنظمة للعلاقات الإجتماعية بين الأشخاص ، والمقترنة بجزاء مادي تفرضه السلطة العامة على من يخالفها ) ، وبالتالي فإن القاعدة القانونية التي يتكون القانون من مجموعها ، تشكل خطابا موجها إلى الأشخاص ، يشعرهم بترتيب نتيجة معينة على حدوث واقعة محددة ، إبتغاء ضبط النظام في المجتمع ، وتحقيق الإنسجام بين روابطه ، وهي بذلك قاعدة سلوك إجتماعية عامة مجردة ملزمة ، تنظم الروابط بين الأشخاص في المجتمع ، وتحدد سلوكهم وتفرضه عليهم ، وتشيع روح النظام فيما بينهم وتتولى إدارتهم ، وتتبع قوتها الملزمة بالجزاء المادي الذي تفرضه السلطة العامة على من يخالف أحكامها . وتلك من بديهيات العمل التي لا تعتبر من أساليب الإستهانة بالآخرين ، إنما هي سر القوة التي وضعها الله سبحانه في قلب وروح كل معارض لأنظمة الظلم والجور في سبيله ، ولم ولن أخشى في الله لومة وتعدي أي حزب كان ، والقلم يشهد لمن هو أهلا للتصدي والمواجهة ، ولا شأن لله بكل متحزب لغيره ، منهمك بتقبيل مجسم رأس هبل عند بوابة مقر حزبه ، ومولع بتصوير ونشر كل ما لا نفع منه أو فائدة للمجتمع ، إلا الرياء والمبالغة في إظهار النشاط الشخصي والحزبي المزدوج ، المفتقر لمقومات النضوج الفكري والعملي المطلوب إجتماعيا وثقافيا ، الذي إستغله الحزب في ترويج أفكار سلعته النشاز وسط البسطاء والسذج من الناس ، لأغراض إنتحابية لم ولن ينال منها شيئا إلا تحت عباءة الأحزاب الإسلامية التي ينتقدها اليوم ، بعد أن شاركها سلطاتها ومغانمها ، وتسلم ثمن خيانته للوطن قبل الإحتلال وبعده ؟!. كما لا يكون الإحترام صادقا إلا إذا كان على نهج ومنهاج العمل الخالص لله سبحانه ، ومن ثم للوطن والشعب من خلاله وحده . وليس في ذلك من منة أو هبة من غير إستحقاق مفروض وبدون طلب .