18 ديسمبر، 2024 8:02 م

رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه

رحم الله إمرئ عرف قدر نفسه

القسم الأول
ليس في كل المواضع والأوقات يلتزم بالصمت ، فقد بلغ الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، أن إبنه إشترى خاتما بألف درهم فكتب إليه : بلغني أنك إشتريت خاتما بألف درهم ، فبعه وأطعم منه ألف جائع ، واشتر خاتما من حديد بدرهم ، واكتب عليه ” رحم الله امرئ عرف قدر نفسه “. والعبرة في عموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وإن لم يعرف المرجفون من عناصر الأحزاب مقصود قول الفقهاء في هذا المجال . فعندما يعرف الإنسان قدر نفسة ، يسعى لأن يخرج بها إلى أفضل فضاءات المنح والعطاء مما لديه من طاقات لمنفعة الناس ، بحسب ما يمتلك من إمكانيات ومهارات فردية في مجال العمل التطبيقي أو التخصص العلمي . ويشجع الآخرين على إتباع ذات النهج والأسلوب ، وفي ذلك قمة التواضع وعدم التكبر ، المعطر بغار الكرم المتوج بإكليل السخاء بدون مقابل في كل الظروف والأحوال والأوقات . وما ذلك من الغرور الموصوف على وفق إنعدام الرؤية السليمة لدى البعض ، لأن الله سبحانه وتعالى يقول ( نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُۗ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ) . وهو القائل جل في علاه ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) . ومن تواضع لله فقد رفعه ، ولكن بهائم الخلق والسذج من الناس وخاصة الحزبيين والسياسيين ، لا يعرفون العطاء إلا بما يتناولونه من الإمتيازات الطارئة وغير المستحقة بالعلن أو بالخفاء ، مستغلين سلطات الحكم وخاصة في ظل الإحتلال ، وإن سلبوا حقوق غيرهم من المستحقين بما أسموه جورا وظلما بالعدالة الإنتقالية لفئة باغية منهم ، لا يصح وصفهم إلا بأنهم من الرعاع والأوباش والغوغاء الطغام ، وبذلك لا يروق لهم من يتحدث إليهم ومعهم بلغة العقل والمنطق وحقوق الإنسان ، لأن الثقافة الحزبية والسياسية مقيدة بحدود النفاق والإنتهازية وعدم النزاهة والكسب غير المشروع ، بدليل ما نص عليه قانون الأحزاب بعد الإحتلال ( رقم 36 لسنة 2015 ) ، بأن ( الحزب أو التنظيم السياسي : هو مجموعة من المواطنين منضمة تحت أي مسمى ، على أساس مبادئ وأهداف ورؤى مشتركة تسعى للوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها ) ، وليس لتحقيق أهداف الشعب وتطلعاته المختلفة ، التي خرج من أجلها رافضا ومعارضا لوجود الأحزاب ، خاصة تلك الإنتهازية التي حاولت مسك عصا المنافع من السلطة والمعارضة في آن واحد ، فأرسلت منتسبيها للمشاركة في التظاهرات ، تضليلا وتغطية لمهمة إجهاض مد الحراك المدني الشعبي المستقل ، بعد تشويه صفاء ونقاء صورته بخلطه بأدران تنظيماتها تحت مسمى ( الإحتجاجات ) ، لغرض تمييز النشاط الحزبي عن النشاط الشعبي بما يخالف مسمى ( الحراك ) شكلا ومضمونا ، وبغية الفصل بين صفات التوجه المستقل الرافض والمعارض للسلطات التي يشكلون جزءا منها ، بدليل الإتيان بوفد الحكومة المفاوض مع المعتصمين أمام إحدى بوابات القصر الجمهوري متألفا من مسؤولي تلك الأحزاب ؟!، ورواد الحراك المدني الشعبي المستقل في معزل لا يقترب منهم غير من سخر لنقل وصف حالهم المستبعد عن إبداء الرأي ، بإدعاءات باطلة رسختها مفاهيم ومعتقدات سبق النشأة التنظيمية الحزبية غير المنتجة ، بدليل كثرة الإدعاءات النظرية التي لم يتحقق منها إلا ما يخالفها خلال أكثر من ثلاثة أرباع قرن وهم صاغرون بائسون ، يروجون لأفكار مستوردة مبنية على الملكية المشتركة لوسائل الإنتاج في الإقتصاد ، وبما يؤدي حسب منظريها لإنهاء الطبقية الإجتماعية ، التي لم يتمكنوا منها ولم تمكنهم هي من نفسها على تقديم أي شيء معقول أو مقبول في حده الأدنى ، إلى حد إستنساخ راية عهد سياسي أجنبي منقرض بكل المقاييس ، دون القدرة على تصميم ما يرمز إلى توجههم السياسي الخاص ، مع عدم إمكانية إيقاف أي تدهور في مفاصل الحياة وليس تطويرها بشكل فعال ولو بنسب ضئيلة جدا ، وتلك الأراضي البور والمصانع المغلقة شاهدان على إستيراد البصل وأبسط المستلزمات ، وتلك هي الرأسمالية تمتد في الجسد الإقتصادي العراقي بدون أي حاجز مانع لأبسط خطواتها ، وكل ما نسمعه منهم يتعارض ويتقاطع مع المعلن من المزايدات ولغو الشعارات في الغالب الأعم ، بل والمتعاكس والمتضاد مع أماني ورغبات وطموحات الشعب المغلوب على أمره بالغش والخداع . كما سيتضح من المركز القانوني للحزب المنبوذ عبر مراحل التأريخ بالنص وبالإجراءات .

* الخطاب موجه إلى من لا يعرف أركان الحوار ، ومن خلاله لأمثاله الذين لا يقفون عند حدود ما لا يمتلكون من المعلومات ومقومات الكلام ، وحسبهم أن الإنتساب إلى الأحزاب ميزة تؤهلهم للحديث في جميع المجالات ؟!، بدون قراءة تتناسب وقدرة الإستيعاب على أقل تقدير ، بعدما أصبحت الأحزاب دكاكين في أسواق النخاسة لبيع كل شيء بما فيها الوطن والمواطنين ، إذ لا هدف لها غير الكسب المادي وغسيل الأموال بالسحت الحرام ، وليس فيها من هو ( منتمي ) في تشكيل تنظيم غايته تطبيق ما ينفع الناس بالفكر والممارسة ذات الثمار ، فالحوار أيها ( المنتسب الحزبي ) يقضي بمراجعة الكلام وتداوله بين طرفين أو أكثر ، لمعالجة قضية من قضايا الفكر أو العلم أو المعرفة بأسلوب متكافئ ، لا تمتلك معشار أدواته من معارف وعلم الإدارة والتشريعات . ومن آدابه أن لا يتحول إلى مراء أو جدال ، وأن يكون كافة الأطراف على علم تام بموضوع الحوار وجوهره وليس بقشوره . ولديهم الجرأة والشجاعة على الإعتراف بالخطأ في حال خالف الصواب . بدافع إصابة الحقيقة بالقدرة على التعبير الصحيح والسليم ، والعرب تقول : رأس الأدب كله الفهم والتفهم والإصغاء ، وصولا إلى الحلم الذي هو الأَناة وضبط النفس وعدم التهور وسوء التقدير ، إلا إن التثقيف الحزبي والسياسي القائم على التورية الهادفة إلى إثارة الذهن بإتجاه غير المقصود هربا من المساءلة عن المقصود ، والتلاعب بالألفاظ ، وخلط الأوراق ، هي من أبعدت المهنيين المستقلين الأحرار عن الإنضمام للأحزاب ، أو ترك عناصرها المهنية لها ، لأنها أقل شأنا منهم ومدعاة لسخريتهم ، بعدما أصبحت وسيلة إمتطاء الفاشلين والفاسدين لظهورها وصولا إلى السلطة وسدة الحكم والإدارة العامة من غير كفاءة ولا خجل ولا حياء .