23 ديسمبر، 2024 3:18 م

رحل عنا عظيم الشعر سميح القاسم ….. يرحل شاعر ويولد الف شاعر

رحل عنا عظيم الشعر سميح القاسم ….. يرحل شاعر ويولد الف شاعر

لا اعرف كيف انسج خيوط الكلمات والحروف معا لكي اكتب عدة سطور لكي اهديها لروح الشاعر العظيم سميح القاسم فمنذ ان قرأت نبأ رحيله عن الحياة والدموع تختزل كل شيء في ملامح وجهي نعم انا اكتب وانا ابكي لأنني اشعر انني فقدت شيئا في غاية الروعة …..
اليوم رحل سميح القاسم وقبله محمود درويش وقبله ابي الروحي نزار قباني اليوم اصبحت يتيما في عالم الشعر والثورة والانسانية فلم يبقى احد لكي اتعلم منه الشعر لم يبقى احد اتصفح قصائده لكي اثور كعادتي واتجاوز الخطوط الحمر …..
لا اعرف لماذا يموت العظماء لا اعرف لماذا يرحلون ويتركون اجيالا ثائرة تنتظر الثورة لا اعرف لماذا يرحل عنا صناع الكلمة في فوضى هذه الحياة فالشاعر الكبير سميح القاسم كان يتقمص كل الادوار فتارة كان رجلا وتارة ثائرا وتارة سجينا في قصائده يبحث عن لغة جديدة لكي يصنع منها عوالم هادئة الملامح ولكنها غارقة في نيران الثورة …..
لا اعرف كيف اصبحت شاعرا ولكنني اعرف انني كنت اتسلل الى مكتبة ابي لكي ابحث عن اي كتاب ولكن يوما ما وجدت دواوين نزار قباني ومحمود درويش وسميح القاسم في احدى زوايا مكتبته فقررت ان ابدأ مشواري مع الشعر لذا انا اعتبر نزار قباني ابي الروحي واعتبر محمود درويش وسميح القاسم اسطورتين شعريتين لا يمكن ان تتكرر بعد الف قرن …..
تعلمت من نزار قباني ان احب واعشق واتغزل واصف الانثى
وتعلمت من محمود درويش وسميح القاسم ان هنالك ثورة قادمة لا اعرف متى موعدها ولكن يوما ما سيبزغ فجر الثورة
ولكن اليوم سقط اخر الثائرين في وسط زحام هذه الحضارة وبقيت قصائده
يقول الشاعر الكبير سميح القاسم في مجموعة من قصائده …..
 
تعالي لنرسم معاً قوس قزح
 
              
 
 
نازلاً كنت : على سلم أحزان الهزيمة
نازلاً .. يمتصني موت بطيء
صارخاً في وجه أحزاني القديمة :
أحرقيني ! أحرقيني .. لأضيء !
لم أكن وحدي ،
ووحدي كنت ، في العتمة وحدي
راكعاً .. أبكي ، أصلي ، أتطهر
جبهتي قطعة شمع فوق زندي
وفمي .. ناي مكسّر ..
 
 
في القرن العشرين
 

أنا قبل قرون
لم أطرد من بابي زائر
و فتحت عيوني ذات صباح
فإذا غلاّتي مسروقه
و رفيقةُ عمري مشنوقه
و إذا في ظهر صغيرتي.. حقل جراح
و عرفت ضيوفي الغداّرينْ
فزرعوا ببابي ألغاماً و خناجر
و حلفت بآثار السكّينْ
لن يدخل بيتي منهم زائر
في القرن العشرين !
***
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين
 
ويقول الشاعر الكبير سميح القاسم في قصيدته هذه
 
 
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين
 
 
من أجل
 
 
من أجــل
من أجل صباح !
نشقى أياماً و ليالي
نحمل أحزان الأجيالِ
و نُكوكِبُ هذا الليل جراح !
***
من أجل رغيف !
نحمل صخرتنا في أشواك خريف
نعرى.. نحفى.. و نجوع
ننسى أنّا ما عشنا فصلّ ربيع
ننسى أنّا..
 
 
كيف بصاحب هذه الكلمات ان يترك الشعر ويرحل كيف استطاع ان يترك الشعراء فأنا ما زلت تلميذا في اكاديمية الشعر اليوم من سيعلمني كيف اكتب الشعر ومن سيعلمني كيف اتغزل بحبيبتي لا اعرف ما الذي حصل ولكن الذي انا متأكد منه ان هذا العظيم رحل وترك الشعر ورائه يهرول في ازقة ودهاليز الحضارة والثورة والانسانية …..
سميح القاسم هذا المقاوم الثائر الذي رسم ملامح الثورة في سطور مليئة بالكبرياء لم يمت بل هو حي وسيبقى
هكذا نحن الشعراء اذا رحل واحد منا ولد الف شاعر
هكذا نحن العشاق اذا ما قتلنا برماح الحبيبة يلد منا مليون عاشق
 
سمعتني زوجتي وانا ابكي بينما كنت اكتب هذه السطور
 
قالت لي
لماذا تبكي
 
قلت لها
رحل اخر الشعراء الثائرين
 
قالت لي
من هو
 
قلت لها
سميح القاسم شاعر المقاومة الفلسطينة
 
حينها شعرت انها حزنت ورأيت الحزن في ملامحها رغم انها تكره الشعر والشعراء وتقول عنا نحن الشعراء اننا صناع احلام ضائعة
هكذا هو القدر يبحث عن العظماء لكي يخطفهم في صفحات المجد والخلود
رحل سميح القاسم ولكن نحن الشعراء ما زلنا واقفين وصامدين لأننا تعلمنا من نزار ودرويش والقاسم طقوس الشعر وسنعلمها للأجيال القادمة
انا كشاعر ما زلت صامدا وسأبقى ثائرا وعاشقا للحضارة والانسانية والثورة نعم قد اكون تلميذا في اكاديمية الشعر ولكن من علموني طقوس الحروف والكلمات هم اباطرة الشعر العربي …..
اليوم وقفت منتصب القامة كما يغنيها مارسيل خليفة احتراما وتقديرا للشاعر الكبير سميح القاسم
اليوم تمنيت ان اكون حاضرا في وداعه بين الجماهير الثائرة لكي احي روحه وجسده رافعا قبضة يدي بين خيوط الريح والمطر لكي يعرف انني ثائرا من حضارة الشرق ينتظر موعد الثورة
فدموعي ثورة اهديها لروحه
فمليون تحية ثورية لعظيم الشعر سميح القاسم في معركته الاولى مع المجد والخلود
فلقد تركت ورائك جيوشا مجلجلة بالحروف والكلمات
نحن حماة امبراطورية الشعر
نحن الذين يسموننا الخالدون