شاءت الصدف ان نتعارف بصورة عفوية وان نتواصل برسائل اخوية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي..ربما لأننا نحمل نفس النهج في متابعتنا لبعض صفحات الكتاب والروائيين في عالمنا العربي وفي مقدمتهم الكاتبة الكبيرة احلام مستغانمي وربما نحمل نفس الافكار بكتابة الخاطرة الوجدانية وبعد ان عرفتني انني كاتب عراقي وعرفت انها تحمل نفس الجنسية واننا نتابع نفس الشخصيات في مواقع التواصل الاجتماعي..
ومن خلال قراءتي لبعض كتاباتها سالتها لماذا دوما تكتبين خواطرك الجميلة عن الشوك مع الازهار ولماذا تشبهين الانثى بتلك الاشواك والازهار فقالت لي ترعرعت بين المناجل والحصاد ونعناع السواقي وهنا جاء الشبه بيني وبين افكار تعليقاتها وبين الواقع الريفي الذي كنت اعيش به فقلت لها انا ابن منطقة ريفية تقع جنوب الموصل واعرف جيدا هذه المصطلحات الجميلة فمن اي ريف انت فجاءني الجواب ومعه حسرات الحزن وانين الماضي انا من مدينة كانت تعج بعبق القداح انا من مدينة البرتقال وماشدني في الموضوع بداية كلماتها بكلمة (( كانت )) وهنا بدأت المعاناة بهذه الكلمة ومايعز بالنفس هو تبعات هذه الكلمة المؤلمة لأنه ضياع مستقبل تلك البساتين التي تحولت الى مباني وعمارات سكنية داخل مدينة بعقوبة وكذلك مستقبل البرتقال والرمان في ريف محافظة ديالى… واشجار عطشى تشكو ربها من ظلم الانسان بعد الجفاف الذي لحق بها بسبب سياسات خاطئة تتخذها حكومات المنطقة…..
نعم ان اشجار ديالى اليوم تخاطب غيوم السماء وهي تطلب منها الغيث بعد ان جفت مواردها من المياه التي كانت بالامس القريب تروي عطشها من تلك الانهر التي كانت مصدرا للسقي بمياهها العذبة…
لقد اعادت بي برتقالة ديالى بالامس التاريخ الى سبعينات القرن الماضي عندما اشتركت في اول مهرجان قطري ادبي عام 1975 والذي اقامه في حينها الاتحاد العام للشباب العراق وكنت من ضمن اربعة مرشحين ممثلين لمحافظة نينوى وكانت اول سفرة لي الى مدينة الحمضيات ومازالت عالقة في ذاكرتي تلك الصور الجميلة لبساتين البرتقال وثمارها والوانها الجذابة وذلك السياج الطيني الذي لا يتجاوز ارتفاعه طول تلك الاشجار…
لماذا حاربك الزمن يامدينة الخير والالوان البرتقالية ولماذا جفت عنك انهارك بصورة مفاجئة.. واين ذلك البرتقال والرمان والنارنج واين… واين؟؟؟؟؟؟
وهل عاقبتكم امطار السماء يانهر ديالى الكبير ونهر العظيم ولماذا قل عطائكم وانتم في ارض الكرماء… الارض المباركة التي منحها الله الطبيعة الخلابة…
لقد ادخلتِ الحزن الى قلبي ايتها البعقوبية بكلماتك الحزينة التي ترافقها حسرات الفراق والرحيل من الوطن الام الى العاصمة بغداد.. فراق اشجار البرتقال يرافقه فراق جمالية الطبيعة الخلابة والهدوء النسبي بعيدا عن ضجيج العجلات والاسواق المكتظة بالسكان…
سلاما على ديالى وعلى انهرها حتى وان جف مائها…. سلام على اهلها الطيبين الكرماء بكل اطيافهم ومذاهبهم… سلاما على البرتقال والقداح وعطر الربيع…وسلاما على ادبائها وشعرائها وكتابها..وسلام على ابنتها الكاتبة اسلام.. وسلاما.. وسلاما على جمال طبيعتها وطيبة قلوب ساكنيها…