23 ديسمبر، 2024 5:18 ص

رحلة مع الساخر العظيم..كتاب ونقاد يستعرضون آفاق رواية الروائي أمجد توفيق

رحلة مع الساخر العظيم..كتاب ونقاد يستعرضون آفاق رواية الروائي أمجد توفيق

شغلت رواية ” الساخر العظيم ” للروائي والكاتب والإعلامي القدير الاستاذ أمجد توفيق ، اهتمام كبار نقاد الرواية والضليعين بتقنياتها وأنواع مختلفة من أنماط السرد التي استخدمها في روايته التي صدرت قبل أكثر من عام ، مثلما شغلت اهتمام من لديهم ولع بهذا الفن الأدبي الساحر والمحبب الى القلوب ، وعد كثيرون صدورها إطلالة حفرت مكانا لائقا لها بين كبريات الروايات التي صدرت عن روائيين كبارا، كانوا عمالقة ، وهي تجد الإهتمام من ملايين القراء والمتابعين لهذا الفن الادبي الإبداعي الجميل.

ورواية (الساخر العظيم) للروائي الأستاذ أمجد توفيق صدرت العام الماضي، كما عرضتها في الكثير من المواقع الاخبارية والصحف والمجلات الثقافية تقع في (٦٦٢) صفحة ، وصدرت عن إحدى دور النشر العربية من عمان ، ونالت وما تزال ثناء وإعجاب كل الأوسط الثقافية والأدبية والإعلامية ، وعدتها (إنتقالة نوعية بارزة) في عالم الرواية وتقنياتها ، لما إحتوته من مضامين وقيم جمالية ووطنية وإنسانية، وكتب عنها النقاد والإعلاميون الكثير من الدراسات التي أشادت بمضامين الرواية ومنهجها الإبداعي والجمالي والقيمي الكبير.

وقد عبرت النخب الثقافية والإعلامية ، خلال إحتفالية تكريم للروائي الاستاذ أمجد توفيق في الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين العام الماضي ، وحضرها كبار النقاد والمهتمين بشؤون الرواية والأدب والثقافة بمختلف مسمياتهم وعناوينهم ، عبروا فيها عن فخرهم وفرحهم بولادة هذا المنجز الأدبي والروائي الكبير، في حجمه ومضامينه، وعدوه بأنه يبشر بولادة عصر إنطلاقة واعدة للثقافة العراقية، برغم كل ما تعرضت له من السلطة من تدمير وإبعاد لدور المثقفين ، بل وتحطيم ركائز الثقافة والإبداع ، من وجهة نظر مثقفين وفنانين ونقاد وكتاب رفيعي المستوى ،حتى أصابت الوعي العراقي وعقله الإبداعي بأضرار بالغة ، وعرضته لمخاطر كثيرة، أبرزها فقدان الهوية الوطنية والانسانية وسيادة أجواء التسلط ، بل وعدت السلطة النخب الثقافية على أنها (خصم) ينبغي توجيه السهام الى قلبه النابض بالحياة كي تتوقف عجلة الإبداع ، ولكي لايشارك المثقفون في صنع مستقبل بلدهم ، وليبقى الساسة هم من يسيطرون على جموع الجهلة والأميين ،بهدف إشاعة أنماط التخلف والانحاط الفكري والقيمي ، ولينزوي المثفقون وكل المبدعين جانبا ، ويبقى الساسة هم المتربعون ومن يمسكون بمقود السيطرة على عقول البشر والعمل على ترويضهم وإستباحة كرامتهم.

والكتاب الحالي : / رحلة مع الساخر العظيم / هو عرض لما سطره (28) كاتبا وناقدا ومن نخب ثقافية مختلفة ، عرضوا الكثير من رؤاهم عن رواية الساخر العظيم، وقد جمع الروائي في هذا المطبوع الانيق جميع تلك المقالات في كتاب جديد، يتألف من 230 صفحة من القطع المتوسط ومن تصميم المبدع الشاب نهار حسب الله.

يقول الروائي الأستاذ أمجد توفيق في مقدمة كتابه : ” لأن الساخر العظيم لا يأبه بإعلان برنامجه او خط رحلته أو زمنها ، لايدري أحد لم أُخفي التقنيات الحديثة لسفينته لصالح أشرعة تحمل خرائط ووشوما توهم كل من يراها بتاريخ مغرق بالعفن واللاجدوى”..ثم يضيف ” الساخر العظيم مخلص لمتعته ، لايهمه ان يتأمل انكسار شعاع من الشمس على وجه حبيبين في قبلة ام ظلال نصل غادر يتوجه الى قلب انسان”.

وقد كان للكاتب والشاعر والسفير السابق أرشد توفيق في مقدمة الكتاب ، مداخلة عن تلك الرواية بقوله: ” اذا كانت الخمرة زمن العنقود فان زمنا اخر تكسرت عقارب ساعته ليصبح كاللعنة يسخر منا ونسخر منه ، لانه لايعني نموا او خطوات الى الامام ، وانما يعني في ابسط معنى له تدمير قواعد الحياة كلها، والوقوف على حافة مجهول لايبعث الا على التشاؤم”.

وللشاعر والاديب والكاتب والاعلامي الكبير الأستاذ سامي مهدي اطلالة مهمة على تلك الرواية ، حين أشار الى ” أن الرواية كتبت بلغة رصينة عالية لغة صارمة ذات حواف حادة ، ولكنها مشحونة متوترة ، تمتاز بالدقة في التعبير والتصوير وبالبراعة في الايحاء وهي تبلغ مصاف الشعر في المواقف العاطفية والانسانية، وتصل حد التجريد حين تتحدث عن الافكار والمثل الاخلاقية ، وهذه لغة يندر أن تجد مثلها عن الروائيين العراقيين وقد لاتجده”.

أما الكاتب والاعلامي المتألق حسن عبد الحميد فقد أشار في مقال مطول عن تلك الرواية (الساخر العظيم) وتحت عنوان : (الزمن وتوريقاته في رواية الساخر العظيم ) مايلي : ” لقد اترعت مهارات العرض وزواهي السرد بلوامع خيط الشمس حتى افضت لتشكل عمق الشخصيات او جلال الأمكنة وجلل المواقف وحلكتها في تقليب الوثائق واعادة قراءة المخطوطات على نحو تحديثي لوقائع واحداث تاريخية وطنية جرت احداثها في مهالم ماض قريب جدا من عالم اليوم”

اما الاديب والناقد حميد الحريزي فقد اشار في معرض رؤيته عن تلك الرواية : “يشترك الروائي أمجد توفيق مع الزمن يرافقه وهو يشهد التحولات العراقية للحكام والافراد والمدن والعقائد في روايته لشهادات الساخر العظيم وهو يرصد الحياة بعين المراقب والروائي الفطن الحساس مدركا ان نهر الحياة دائم الجريان والتغيير اذا سكن او توقف اصابه الركود والعفن فلا حياة الا بالحركة المرئية والحركة الداخلية المستترة”.
وللشاعر والاعلامي الكبير حميد سعيد رؤيته القيمة لرواية الساخر العظيم فيقول “ان رواية الساخر العظيم لم تكن محاصرة بموضوعها على اهميته وما يحتمل من غنى في اطروحاته بل تعددت فضاءاتها التاريخية والاجتماعية ومنحت القاريء وقفات كثيرة للتامل والتفكير والحوار والنقد بل لقد انتظم النص في سلسلة من مواقف نقد الواقع في العراق”.

أما الكاتب والاعلامي المبدع د. علي خيون فاوضح رؤيته لتلك الرواية بقوله ” في هذه الرواية ابداع خيال الروائي في صنع عوالمنه ، حتى لكأننا نتوهم أن ماجرى قد جرى حقا وهو امر يحسب لبراعة الكاتب وسيطرته على ادواته الفنية الذي رسم بقلمه المبدع نافذة مشرعة على حيوات نابضة بالمواقف تكشف لنا عن الصامدين من العراقيين الانقياء أصحاب الكلمة والمبدأ في مقابل من انتهز الفرصة لمغنم عاجل او منصب زائل غارق في الفساد”.

في حين يرى الناقد والاديب الكبير مؤيد البصام عن الروائي الاستاذ امجد توفيق روية الساخر العظيم ووصفه لطريقة السرد “بني تركيب الهيكل العام للرواية على شكل تركيب هرومي توضع الجزاء للحكايتين متقابلة لتلتحم في النهاية وتشكل راس الهرم ، وعلى الرغم من انقسام الرواية الى حكايتين الا انه استطاع السيطرة على حركة الشخصيات وضبط ايقاعها حتى الثانوية منها وجرنا الى المفارقة بان الحقيقة والتاريخ كعنصرين افتراضيين وليس هناك قدسية لايمكن ان تمس هذين الافتراضين..”

وللكاتب والاعلامي المبدع عبد الحسين صنكور رؤية تكاد تكون الاكثر توغلا في عمق الرواية وما عرضته من مواقف واسلوب سرد ممتع وطرئق فنية مبدعة في العمل الروائي فاشار ” من حق الروائي أمجد توفيق ان يصف زمنه بالطريقة التي يراها : ساخرا عظيما او دكتاتورا جبارا او سلطة غاشمة او ديمقراطية او امراة جميلة او شخصية من قاع المجتمع… ونجحت رواية الساخر العظيم في الناي بنفسها عن الرواية التاريخية التوثيقية الى حد كبير ، عبر ذكاء الكاتب ولغته الايجابية التاملية التي سعى من خلالها الى الخلاص من التقريرية والوصفية الكلاسيكية قدر الامكان”.

أما الناقد والاديب الكبير ناطق خلوصي فله رؤيته الثاقبة هي الاخرى عن تلك الرواية حين اوضح أن : “الساخر العظيم الذي تتخذه الرواية عنوانا بما يحمله ذلك من دلالة هو الزمن اذن ، والزمن هو رديف القدر ، ولطالما سمعنا مقولة من سخريات القدر ، لذلك فإن مقولة من “سخرية الزمن” تبدو من صنع الواقع المر ..فمن سخرية الزمن ان تقع الموصل عن قصد او غير قصد ضحية تهاون المكلفين بحمايتها”.

ولان عدد من كتبوا عنها كثيرون فليس بمقدوري في هذا المقال ان الم بكل من كتب عنها من مقالات، واخترت نماذج من كتابات بعض النقاد والكتاب ضمن رؤيتهم لرواية الساخر العظيم في هذا الاصدار ، وقد ابدعوا في عرض وجهات نظرهم ، ولنا ان نفخر جميعا بصدور هذا الكتاب (رحلة مع الساخر العظيم) لمؤلفه الروائي والاعلامي والكاتب الكبير الاستاذ أمجد توفيق، وله من كل المهتمين بالشأن الروائي والادبي والنخب الثقافية كل محبة وتقدير، ولعمله الروائي المزيد من التألق والابداع، وهو يشق عباب بحور الثقافة ويستقل سفنها، ويستخرج منها اللاليء والدرر، لتشكل لنا جميعا زادا ثقافيا ومعرفيا وأدبيا لاغنى له عنه ، بعد ان استطاع ترويض الزمن، وتشريحه، لكل يسخر منه قبل ان يسخر الزمن من الكاتب، ويدخله في ساحة اختبار ومواجهة، تشجع المبدعين على خوض غمارها دون خوف او وجل، في قادم الأيام.