“بالرغم من الجهود التي بذلتها بالتضامن مع عضدي المفدى العلامة الجليل السيد (محمد باقر الحكيم)، في سبيل إنجاز هذه الدراسة ووضعها بين أيديكم في اقرب وقت ممكن”؟.
هذه هي جزء من مقدمة كتاب “إقتصادنا” التي كتبها (السيد محمد باقر الصدر) رضوان الله عليه، والتي حجبها عن السيد (محمد باقر الحكيم)، لأنها نفس المقدمة التي حذفها الاخير عند طباعة “فلسفتنا” ، لأنه اراد ان تتوجه كل الانظار الى السيد الشهيد، صاحب العقلية الفذة والفريدة في عصره، ليكون قائد المستقبل للعراق الحديث.
وينقل السيد (محمد باقر الحكيم) والذي اشرف على طباعة الكتابين، فيقول “ولازلت اتذكر أيضاً أن كتاب فاسفتنا كان يطبع في مطبعة تطبع فيها جريدة شيوعية، كان يشرف عليها مسؤول الحزب الشيوعي، للفرات الاوسط (حسن عوينه) حيث كان الشر يتطاير من أعينهم، عندما كنت أراجع مسودة الكتاب في المطبعة.
كانت علاقة السيد (شهيد المحراب) مع السيد الشهيد (محمد باقر الصدر)، علاقة مبنية على المحبة والاحترام المتبادل، والعمل المتواصل ليل نهار من اجل الوقوف بوجه التيارات والاحزاب والحركات التي غزت العراق في خمسينيات القرن الماضي، فكان شهيد المحراب يعمل مع السيد (محمد باقر الصدر)، في السر والعلن، في الليل والنهار، فيقول “كنت استشعر تلك اللذة التي كنت احسها وأنا اعيش بجوار السيد الشهيد، في تلك الفترة الزمنية حيث كنت في اكثر الاحيان أسهر معه الى منتصف الليل في ظروف صعبة، كان فيها من يسمون انفسهم (بحراس الجمهورية) يملأون الازقة والشوارع، ويحصون علينا الانفاس والحركات، وكنا نتوقع في كل لحظة مداهمتهم لنا أوإعتقالنا في الطريق اثناء العودة.
هكذا كان يعيش شهيد المحراب ايامه في تلك الفترة العصيبة على العراق، فلم يدخر جهداً في سبيل نشر التوعية الدينية وإستنهاض الامة، مع استاذه الشهيد السيد (محمد باقر الصدر)، فكانا يعملان على توعية الشارع العراقي، واستنهاض الشباب المسلم بكل طوائفه وقومياته، للوقوف بوجه الحركات الظاله والمضلله التي غزت المنطقة بأسرها، ولم ينقطع ذلك العمل الجهادي بعد إستشهاد المفكر والفيلسوف السيد (محمد باقر الصدر)، فواصل عمله في المهجر ولم يتوانى او يتوقف في يوم من الايام، بل توجَّه نحو تنظيم المواجهة ضد نظام صدام المجرم، وتعبئة كل الطاقات العراقية الموجودة داخل العراق وخارجه، من أجل دفعها لتحمّل مسؤولياتها في مواجهة هذا النظام الجائر.
فقد دفع ثمناً باهضاً من اجل هذا التحرك!، قدم القرابين تلو القرابين على مذبح الحرية، قدم اخوته الذين كانوا من خيرة العلماء في الحوزة العلمية، فقام النظام العفلقي على اعتقال كل اخوته وعيالهم، وبدأ يذبح بهم داخل السجون، ولم يستثني منهم لاصغير ولاكبير حتى النساء لم تسلم من بطشهم، فكانت هناك مجاز داخل السجون بحق ال الحكيم لم يشهد التاريخ نظيراً لها.
ويذكر ان المجرم (صدام) قتل من ال الحكيم اكثر من (مئة شخص), كما يذكر ان حوالي (السبعين شخص) فقط من وجدت اسمائهم في سجلات الامن، اما الاخرين فلا يعرف عن مصيرهم شيئ.
هذا هو تاريخ ال الحكيم النجباء، كتب بعبق دمائهم القانية في سجلات التاريخ، لا لأجل منصب زائل ولا لمكسب دنيوي، إنما لأجل الدفاع الدين ووحفظ بيضة الاسلام، والمطالبة بحقوق الشعب العراقي الذي لم ينصفهم وينصف دمائهم التي اريقت على مذبح الحرية، وعلى مدى سنوات من الظلم والاضطهاد، وعلى تعاقب الحكام الذين لم يرحموا هذا الشعب ولم يحفظوا حقوقه التي لازالت تسلب امام مرأى ومسمع العالم بأسره، ولا يزال ال الحكيم عنوان للشهادة والجهاد، عائلة معطاء لم تبخل بدمائها في يوم من الايام من اجل العراق وشعبه، حتى ختم تلك الدماء شهيد المحراب الخالد، تلك الرحلة الجهادية في سبيل الامة، ليسلم الراية الى المرحوم عزيز العراق، ليستلمها بعده بقية ال الحكيم السيد (عمار الحكيم)، هذا فيض من غيض مما قدمه ال الحكيم لأجل العراق، رحم الله شهدائهم وحفظ الباقين منهم.