23 ديسمبر، 2024 5:50 ص

رحلات إبن بطوطه..وذكريات رحلاتنا من الوزيرية وباب المعظم الى أبي نؤاس!!

رحلات إبن بطوطه..وذكريات رحلاتنا من الوزيرية وباب المعظم الى أبي نؤاس!!

يتذكر الكثير منا ، أننا عندما كنا طلبة في كلية الاداب بجامعة بغداد، منتصف السبعينات وأيام الوزيرية وأقسامها الداخلية ، أننا كنا نقوم برحلات على غرار رحلات إبن بطوطة ، تبدأ من الوزيرية مرورا بباب المعظم ، ومن ثم نتجه مشيا على الأقدام ،على طول إمتداد شارع الرشيد بإتجاه الباب الشرقي ، ومن ثم غالبا ما تنتهي الرحلة الى شارع أبو نؤاس ، الذي يعد قبلة الحالمين برؤية سحر بغداد وجمالها الساحر الخلاب، حيث يتحول نهر دجلة وضفافه الى ملتقى الأحبة وايام الأنس والسمر مع الاحبة، التي كانت من أجمل أيام حياتنا سحرا وجمالا!!

ذكرني بكتابة هذا المقال أحد زملاءنا الإعلاميين من أجيال السبعينات ، وقد قام قبل أيام، برحلة مماثلة ولكنها (معكوسة) حيث بدأ الرحلة كما يرويها لنا، من الباب الشرقي بإتجاه شارع الرشيد والميدان ومن ثم سلك طريق باب المعظم والوزيرية ، وواصل الرحلة ليستدير شرقا نحو منطقة القاهرة ، لملاقاة أحد أصدقاء العمر، الذي تربطه معه زمالة زادات على الاربعين عاما!!

إنها رحلة زميلنا الدكتور صادق الحجامي ( أبو أثير) التي أطلقت عليها ( رحلة إبن حجامة) ، تيمنا برحلات إبن بطوطة الشهيرة، إذا إن شبابنا هذه الايام ليس بمقدوره أن يقطع كل تلك المسافات الطويلة في رحلات كانت (شبه يومية) لنا، وما زال كاتب هذه السطور يمارسها حتى الى ما قبل أشهر، وقد كنت أقطع المسافة من باب الشرقي باتجاه الشورجة وشارع الرشيد مشيا على الأقدام، وكنا نسمي من يقطع تلك المسافات انه يستقل (رينو 11) للدلالة على إستخدام رجليه القادرة على قطع مسافات طويلة دون أن يركب سيارة (الرينو 11) التي كانت شائعة الاستخدام في السبعينات والثمانينات، قبل أيام السيارات اليابانية ومن ثم الكورية، التي يستقلها أبناؤنا هذه الأيام، عندما يذهبون الى فرن الصمون القريب من البيت او مايحتاجه من تسوق ، حيث لاتتجاوز مسافة أماكن التسوق عن البيت المائة متر في كل الأحوال!!

وكثيرون منا من كانوا وما يزالون يعيدون رحلات إبن بطوطه وإبن حجامه في رحلاتهم التي يقومون بها بين الحين والآخر، وإنها وإن قلت وأصبحت من النوادر ، الا إنها كانت ممارسة إعتدنا عليها، وتكاد تكون شبه يومية، دون أن نتعب ، أو نصاب بالملل!!

كنا مجموعة من الشباب من طلبة جامعة بغداد، نلتقي سوية في الوزيرية ومن ثم نشد الرحال، مشيا على الاقدام الى الميدان ومن ثم نخترق شارع الرشيد، ليوصلنا في نهاية المطاف الى الباب الشرقي وشارع ابو نؤاس، حيث كانت جلسات السمر ، تمثل أحد شواهد العمر في الزمن الجميل، ومن هناك إما ان نعود عبر باص مصلحة ( 2) أو (4) باتجاه باب الميدان وباب المعظم مرة أخرى، وقد نعود مشيا على الاقدام منتصف الليل ، اذا ماوجدنا ان الأمر يتطلب أن نترك الباص لاكمال رحلتنا الى الوزيرية!!

ما أجمل تلك الأيام، التي مرت علينا في السبعينات وبداية الثمانينات، حيث كانت من أجمل واروع أيام العمر على الاطلاق، وكنا ننظر الى بغداد وشوارعها ومحلاتها نظرة إعجاب ، وهي تسحرنا بمفاتن مناظرها الخلابة وشوارعها الجميلة ومحلاتها، التي تزدان بكل ما يمكن أن يلبي رغباتنا ، وكنا نرتدي أجمل الملابس الأنيقة وأربطة البلداوي ، حيث كان أغلبنا موظفين في مؤسسات صحفية واعلامية ، منذ إن كنا طلبة كليات، في الصف الثاني من الكلية وربما منذ الصف الاول، حيث أتذكر أنني باشرت بجريدة الجمهورية ودائرة دار الحرية للطباعة مع بعض الزملاء في 11 / 11/ 1974، وما زلنا في الصف الأول صحافة ، حيث كنا نعمل على سبيل المكافأة مع بعض الزملاء لأشهر في جريدة الجمهورية، وبعضهم أصبحوا الآن أساتذة جامعات عراقية وعربية وعمداء كليات ومنهم الدكتور هاشم حسن والدكتور كامل خورشيد وآخرين، ومن ثم جرى تعييني في دار الجماهير للصحافة بجريدة الجمهورية في 1 / 6 / 1976 ، وكانت رواتبنا تحقق كل أحلامنا وما يمكن أن نلبي إحتياجاتنا !!

إنها سرد لذكريات كانت أكثر من رائعة، وددنا أن نستعيد ذكرياتها الحلوة، لنذكر الزملاء الأعزاء بها، وهي أجمل أيام العمر على كل حال!!