مر اقليم كردستان بفترة ازدهار تجاري وثقافي وعمراني واسع في ظل الحكومات المتعاقبة التي ترأسها “نيجيرفان بارزاني” والتي بلغت ثمان كابينات بدأها عام 2006 وانتهى بتولي ابن عمه “مسرور بارزاني” الحكومة مكانه عام 2018 .
وقد حرص نيجيرفان على تطوير النظم الاقتصادية والاجتماعية للاقليم وتحسين معيشة المواطن الكردستاني وعمل جاهدا على جلب الاستثمار الاجنبي الى الاقليم من خلال اصدار قانون الاستثمار الذي منح المستثمرين الاجانب امتيازات واسعة ، ما دفع بعشرات الشركات الاجنبية ان تتدفق على اربيل العاصمة لبناء الجسور وتنظيم الشوارع وانشاء المولات ، كما وساهم في تطويرالتجارة الداخلية والخارجية حتى وصل الحجم التجاري مع تركيا في فترة من الفترات الى 12 مليار دولار..
اما على الصعيد السياسي فكثيرا ما يوصف برجل المهمات الصعبة ، كلما وقع الاقليم في ازمة سارع الى ايجاد مخرج لها أوساعد على تخفيف الوقع عليه ، ففي ذروة ازمة الاقليم مع بغداد جراء عملية الاستفتاء عام 2017 وقيام حكومة “حيدر العبادي” باستعمال قوات الجيش وميليشيات الحشد الشعبي لاجتياح مدينة كركوك وطرد قوات البيشمركة الكردية منها في خرق فاضح لبنود الدستور التي تحرم وتجرم استعمال الجيش في المنازعات الداخلية ، وكذلك اغلاق المطارات وتطويق منافذ الاقليم وتشديد الحصار عليه ، امام هذه الهجمات البربرية الغاشمة ، شد الرحال الى فرنسا عبر الطريق البري في تركيا واجتمع برئيسها “عمانويل ماكرون “الذي يصفه دائما ب”صديقي” (“يسعدني اللقاء بصديقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم في باريس) وكانت لتلك الصداقة سحرها النافذ في تهدأة الاوضاع بين بغداد واربيل وفتح المطارات والضغط على حكومة حيدر العبادي للحد من العقوبات الجائرة التي فرضها على الاقليم .
وبمناسبة تتويجه رئيسا للاقليم ومنحه الثقة من قبل برلمان الاقليم عام 2019 دعاه ماكرون الى زيارة فرنسا ، وعندما اشتدت ازمة الموازنة لعام 2021 في البرلمان ، طار الى باريس في زيارة خاطفة للمرة الثالة وتباحث مع ماكرون القضية وقضايا اخرى تتعلق بصميم الحياة المعيشية للمواطن الكردي … ولم تكد ازمة الموازنة تنفرج ويتجه البرلمان العراقي نحو اقرار القانون ، حتى اجتمع بقادة الاحزاب الكردية لتوحيد الصفوف وانهاء المشاكل العالقة ، وبعد ان اخذ منهم التفويض فيما يبدو، توجه الى بغداد لحث قادة الكتل والاحزاب السياسية الشيعية والسنية والرئاسات الثلاث على “ضرورة إنهاء المرحلة الانتقالية وتدشين مرحلة جديدة في العراق واستعادة موقعه ومكانته على المستويين الإقليمي والعالمي، داعياً لتوصل القوى والأطراف السياسية ومكونات العراق إلى رؤية وفهم مشتركين لمستقبل العراق تضمن الاستقرار والتعايش وقبول الآخر” وكذلك تحسين العلاقة بين الاقليم والمركز بما يفضي الى نشر السلام في ربوع البلاد ..
فهل ينجح رئيس اقليم كردستان في اقناع القادة في بغداد وفي الاقليم على حد سواء بوضع صراعاتهم البيزنطية جانبا والالتفات الى مصالح مواطنيهم وتوفير الامن والامان والعيش الكريم لهم؟!