تتجدد الذكريات وكأنها حدثت الأن، واحد رجب من أيام الخلود، التي تسامت فيه روح، تمنت هذا اليوم لترتقي إلى ربها، وهي في أعلى درجات التضحية والشهادة.
بلوغ الأهداف الكبرى في الحياة، يستلزم تضحيات عظيمة مكافئة لها.. قد تكون هذه على مستوى التضحية بالمال والجهد والوقت، وقد تصل في نهاية الأمر إلى بذل النفس والتضحية بالروح، وهو الذي يسمى في ثقافتنا الإسلامية بالشهادة.
من الناحية الفقهية يقول الامام الخميني قدس “الشهيد هو المقتول في الجهاد، مع الإمام عليه السلام أو نائبه الخاص، بشرط خروج روحه في المعركة، حين اشتعال الحرب أو في غيرها، قبل أن يدركه المسلمون حياً، ويلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام”.
فشهد الدنيا بعين الحقيقة دار الغرور والقرية الظالم أهلها، ولم يغفل عن الآخرة التي هي دار الحيوان، أي الحياة الحقيقية ﴿وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ}، فصار الموت عنده أمنية، لأنه باب الوصول إلى تلك الحياة، وباتت دنياه جهاداً للقاء المحبوب.
نعم انه شهيدنا الخالد السيد محمد باقر الحكيم قدس، الذي اعتلت روحه بعد صلاة الجمعة، في حرم أمير المؤمنين عليه السلام، وفي باب من ابواب الله لبى نداء الشهادة، على يد اعداء الله والاسلام، في مكان كان يعلم به منذ ظفارة شبابه، عندما كان يزور ويصلي مع والده، المرجع الكبير السيد محسن الحكيم قدس، عند خروجه من نفس باب أمير المؤمنين ،الذي استشهد فيه ، توقف المرجع وقال للشهيد ها هنا موضع شهادتك، حسب مانقله لي احد المشايخ الذين عاصروه،
هذه الروحية عند الشهداء، هي التي حققت وما زالت الانتصارات، وتصون هذه المسيرة الإيمانية والجهادية، حتى بلوغ الأهداف والغايات الإلهية، وتحافظ على عزة وشرف ومناعة هذه الأمة.
رحل الشهيد الحكيم رضوان الله عليه، إلى جوار ربه راضيا مرضيا، ليلتحق بمن سبقه من الأنبياء والمرسلين، والأولياء الصالحين والشهداء الميامين، في الفردوس الأعلى .
رحل ليلتحق مع من سبقه من الشهداء، من أخوته وأبناء أسرته، وربعه وجيرته ومن عمل معه، على طول مسيرة جهادية حافلة .. لكنه ترك من بعده كما كل الشهداء، رضوان الله عليهم، إرثا كبيرا من الدروس والعبر، فلقد قدم لنا الشهيد الحكيم الشهادة فكرا وسلوكا حيا بيننا، وكان هو المثل في ذلك ..
السلام عليك يا شهيد المحراب يوم ولدت، في حجر المرجعية المباركة، وترعرعت بين خمائلها العطرة، فزهرت نبلا وشجاعة وعلما، وعملا للإسلام العظيم..
السلام عليك يا شهيد المحراب يوم أستشهدت، إلى جوار جدك المرتضى، في بقعة طاهرة، في يوم مبارك، ومن أجل قضية سامية، وأنت تتعبد الله تبارك وتعالى، بخدمة الناس وقضاء حوائجهم، وإرشادهم إلى الطريق الصحيح..
السلام عليك يا شهيد المحراب، يوم تبعث حيا تقتص من الظالمين، الذين ظلموك وظلموا آلك وشعبك.