هو الابن الثالث للسيد محمود السيد طه ال ياسين الرفاعي الشخصية الميسانية التي سميت باسمه محلة المحمودية في العمارة ، والمعروف في العهد الملكي ان الأسماء لا تطلق على الأمكنة والمدن جزافا انها تطلق اما ارتباطا بحدث جلل او تكريما لرجل استحق ان يخلد اسمه في سجل ذلك المكان ، كان السيد محمود قد نال احترام أبناء العمارة لخدماته الإنسانية التي اهلته ان يصبح احد أعمدة المدينة وقادة الرأي فيها ، سيما انه من رجال التقوى بالإضافة الى تكفله ماديا مصاريف دار الرفاعي واحد جوامع المدينة ، وتخصص راتبا شهريا لبعض عوائل الفقراء المتعففين ، وقد انتخب رئيسا للمجلس البلدي اكثر من مرة وقدم خدمات كبيرة للمدينة وابنائها الكرام وقبل ان يختتم حياته ثبت بوصيته ان ثلت موارد عقاراته توزع على الفقراء .
هذا الرجل يؤمن ان التعليم هو الذي ينقذ البلد من التخلف والجهل وان من واجب الإباء تعليم أبنائهم لخدمة الوطن وانتشاله من التخلف، وهكذا كان حريصا على دعم المراكز التعليمية والحضرية، ومن أولا مهامه الشخصية تعليم أبنائه العشرة ومنهم السيد رشيد الذي تدرج بامتياز في معظم المراحل التعليمية.
وتخريج السيد رشيد من الحقوق سنه ١٩٢٨ وهو الاول على دفعته. أرسلته الحكومة في بعثة الى فلسطين لدراسة اللغة الإنجليزية في جامعة القدس لمدة سنتين وبعدها أرسل الى بريطانيا ودرس القانون والاقتصاد في جامعة London School of Economic :
.
وبعد ذلك عين قنصل للعراق في بيروت ثم اعيد الى بغداد بمنصب مدير الإقامة والسفر والجنسية حيث مكث فيها الى سنه ١٩٤١ وبعدها مارس مهنه المحاماة الى سنه ١٩٤٨ ثم شغل منصب رئيس محاكم الاستئناف في البصرة ثم عاد الى بغداد بعد ٤ سنوات وعين بمنصب مدون قانوني في وزارة العدل حيث اختير بعدها بمنصب مدير عام في وزارة الإعمار في مجلس الإعمار لسنه ١٩٥٨في العهد الملكي.
وبعد ثورة 14 تموز عاد ثانية الى وزارة العدل كمدون قانوني امضى فترة ثم اختير رئيسا لديوان التدوين القانوني، ولكفاءته وخدماته القانونية والإدارية اختير من قبل مجلس الوزراء في حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم وزيرا للعدل وباشر عمله بكفاءة وتخصص وقدم افضل الخدمات الإدارية والقانونية وصدرت خلال فترة توليه الوزارة قوانين خدمت كل افراد الشعب وضمن القانون والدستور وبنزاهة وثقة وايمان، وركز على استقلالية القضاء لقناعته بان تحقيق العدالة هي الضمانة الاكيدة لاستقرار البلد .
في تلك الفترة كانت محكمة تميز العراق هي جزء من تشكيلات وزارة العدل وكان القضاة مرتبطين بها من حيث النقل والصنف وغيرها بموجب احكام قانون السلطة القضائية، ولا سلطان لوزارة العدل عليها الا برفع التوصيات والمقترحات.
القاضي العراقي في تلك الحقبة مستقلا تماما ولا يخضع لأي ضغط مهما كان حتى لو كان من اعلى رأس في الدولة، قضاة العراق مفخرة وهم أكفأ وانزه قضاة في العالم العربي.
كانت بناية الوزارة في منطقة القشلة بجوار ساعة القشلة، وكان على ساحل دجلة معظم محاكم بغداد ورئاسة محكمة الاستئناف – اما محكمة التميز فكانت في الاعظمية وهي التي تدير شؤون القضاة بالإضافة الى عملها القضائي.
كان السيد رشيد من الشخصيات القانونية المعروفة على نطاق القطر يحمل أفكارا مستقلة ذات طابع وطني له علاقات واسعة بشخصيات اجتماعية وثقافية وخلال عمله في المؤسسات الحكومية كان مثالا حسنا وخدم الوطن بكل اخلاص ونزاهة وشرف كبقية زملاءه في ذلك الزمن حيث لا تجد عليهم مخالفة قانونية او دستورية كما هو الحال الان؟ واستمر بعمله كوزير حتى عام 1963 وأحيل على التقاعد عندما سيطر حزب البعث على السلطة.
اما حياته العائلية فقد تزوج سنه ١٩٣٣ وله أربع بنات. وتوفيت زوجته رحمها الله وهي في شبابها بعد فترة من الزواج وتركت خلفها بناتها الصغار حيث مكث اباهم بدون زواج من اخرى حتى وفاته، وتفرغ لتربيتهن حيث كانت الكبيرة سهام مدرسة ، والثانية هناء مدير عام المصرف العقاري ، والثالثة الدكتورة سميرة دكتوراه فارم كولوجي ومدرسة في كلية الطب وطب الاسنان والتمريض ، وتليها البنت الرابعة الهام بكالوريوس آداب إنكليزي مع شهادة GCE من لندن.
توفي المرحوم رشيد في بغداد سنه ١٩٨٦ حيث كان عمره ٧٨ سنه.
ليس عبثا ان نشير الى وزارة العدل لأنها الوزارة التي تراقب تنفيذ القوانين من خلال الادعاء العام وكلنا نعلم ان هذه الوزارة في العهد الملكي والجمهوري شغلها رجال من ذوي الكفاءة والاختصاص وممن يشاد لهم بالنزاهة والشرف لان عملها له مساس مباشر مع المواطن وحقوقه.