18 ديسمبر، 2024 10:14 م

رجال الدين والهروب من الميدان …

رجال الدين والهروب من الميدان …

أشد ما يؤلم هو سماع تلك الأصوات الشاذة التي تحاول النيل من رجال الدين,وكأن رجل الدين هو المتسبب الرئيسي بضياع البلد ونهب خيراته, والمحزن في الأمر أن تلك الاصوات والصيحات دائما ماتنطلق من بؤر في الوسط والجنوب العراقي, والأدهى من ذلك أن مطالب بعضهم وصلت بتولي المناصب العليا ليهودي اومسيحي, مع جل تقديرنا لجميع الديانات, فنحن مسلمون اولاً.

أغلب المنادين هم من جيل لم يعي حقيقية الظلم والأضطهاد الذي عشناه في حقبة النظام السابق, وقد استولت أكاذيب مواقع التواصل الأجتماعي على عقولهم, والتي تحرك من قبل أيادي خفية, ذات أجندات خارجية تحرك قواها أنى شاءت ومتى ارادت, وفق أهداف معدة مسبقاً.

منذ تاسيس الدولة العراقية, لغاية عام 2003 لم يكن لرجل الدين السياسي اي دور يذكر في بناء الدولة او المشاركة في تشريع قوانينها, بل على العكس تعرضوا لأبشع أنواع القتل والتعذيب والتهجير على يد الحكومات المتعاقبة, واجهزتها القمعية, وملئت بهم السجون وشردوا في أصقاع العالم مابين مجاهد يحاول استرجاع حقوقه المسلوبة وبين من باع نفسه الى دول الجوار, وأصبح عاهت على الدين ورجالاته.

لنتحدث بلغة الأرقام ومدى وجود وتاثير رجال الدين في المشهد السياسي, ولنتفق أن هناك رجال دين أصحاب مشروع سياسي, وهذا حق يكفله الدستور لهم ومن هم في موقع القرار, بالأجهزة التشريعية والتنفيذية,فمنذ تأسيس الجمعية الوطنية الأولى عام 2003 كانت نسبة رجال الدين هي 5%, بعدها على مدى الفترات والدورات اللاحقة لمجلس النواب كانت نسبة رجال الدين هي 1% اي ستة أعضاء من أصل 325 عضو, وفي مجالس المحافظات 5% اي عشرين عضو من أصل 450عضو, وبالتالي تعتبر هذه النسب ضئيلة اوتكاد تكون معدومة في تأثيرها بالقرار السياسي.

في مجال العمل التنفيذي فتكاد تكون معدومة سوى هيئة الحج والعمرة والوقف الشيعي, اما العمل السياسي فهو متاح للجميع لرجل الدين ولغيره وبكل الأحوال فأن أغلب الكتل السياسية صاحبة القرار في البلاد, فأن نسبة رجال الدين فيها لاتتجاوز 1% من مجمل القوى السياسية العاملة والتي تصل أعدادها الى مئات الأحزاب والكتل, أذن كيف يتم الترويج الى أن مشكلة العراق هي رجال الدين والعمامة!.

هل ان هذه النسب التي لاتكاد تذكر هي من يدير الوزارات والهيئات والمحافظات ام ان أغلبهم من المدنينين والكفاءات, فالخلل بنسبة 95% التي تحاول تصدير فشلها ورمي عجزها على رجال الدين, فهذه الثلة من رجال الدين قدمت من التضحيات ما يجعلنا نقف أمامهم بتصاغر, فهم وحدهم القادرين على تحريك الشارع والدفاع عن البلاد, في حين عجز غيرهم تكوين فوج واحد في حرب العراق ضد الأرهاب وفشل في أدارة وزارة اوتقديم خدمة بسيطة!.
وأذا أردنا أن نتحدث عن نجاح العمامة في الأدارة فسأذكر مثال واحد فقط لاغير وهو العتبة العباسية وما تحققه من طفرات في مجال الأعمار والبنى التحتية والخدمية والأستثمار الذي أذهل العالم فأن كنا منصفين لنذكر هذه العمامة, وغيرها الكثير من الشواهد التي لامجال لذكرها ولكن يكفي أن نذكر مستشفى الكفيل ومزرعة فدك ذات المليون نخلة.

رجال الدين قدموا الاف الشهداء في معارك تحرير العراق في حين غيرهم يتسكع في حانات وبارات اوربا, رجال الدين قدمو المال والولد والعمامة تخضبت بدماء الشهادة, ليأتي الفاشلون ليقذفوها بفجرهم وفسادهم , فالنوايا واضحة والنيات مبيته والهدف واضح هو التسقيط لابعاد الناس عن ممثلهم الحقيقي وهي العمامة.