18 ديسمبر، 2024 8:47 م

رجال الدين بين السياسة ودعوات الإصلاح ؟!

رجال الدين بين السياسة ودعوات الإصلاح ؟!

مارس رجال الدين في العراق وبمختلف انتمائهم الدينية دوراً مهماً في توجيه الرأي العام ، وعلى طول التاريخ لعب المعمم درواً مهماً ورئيسياً في التبليغ والتوجيه ، وبغض النظر عن الخلافات بين المذاهب الإسلامية ألا أن الجميع مارس هذا الدور وكلاً حسب عقيدته ، فمنهم من كان يعتقد بأن النظام السياسي ظالم ويجب الوقوف ضده ، ومنهم من يعتقد أن من الواجب حماية العملية السياسية ومساندتها ، وكلاً الرأيين صحيح بحسب قناعة صاحبه ، وكلاً له مسانيده الشرعية التي يعتمد عليه في الفتوى ، ولكن يبقى هناك رابط مهم هو الوطن الذي يجمع كل القوميات والمذاهب وتسقط على صخرته كل الفتاوى ليبقى للجميع خيمة وضلاً من عاديات الزمن ، ولكن بعد سقوط النظام عام 2003 ظهرت بعض العمائم والتي عملت وساهمت في أثارة الخلاف والاختلاف بين أبناء الوطن الواحد ، وكانت أداة للقتل والتهجير وترويع الآمنين ، وفق أجندات أعدت مسبقاً لتمزيق وحدته وتقسيم أرضه ليعيش ضعيفاً لا دور له أو كلمة ، ويكون تحت وطأة وحماية الأجنبي طول الدهر،وإذا ما تابعنا هذه الأصوات تراها تركز على مفهوم الطائفية والتقسيم الطائفي بعيداً عن مفهوم التعايش السلمي بين جميع المكونات .

بالمقابل كانت وما زالت هناك أصوات مهمة نادت وتنادي بالوحدة الإسلامية بين الجميع ، وتؤكد على وحدة ورصانة الشعب العراقي المسلم ، بغض النظر عن الانتماء الديني والمذهبي ليبقى الوطن هو الانتماء الحقيقي ، ويبقى الخطاب الموحد هو السمة الغالبة على جميع الخطابات ويجد الجميع أن رجل الدين محصن وطنياً قبل أن يكون موحد دينياً ، فان أي خطاب ينبغي أن يحفظ الوطن والأرض ، وأن يكون هذا الخطاب مبنياً على أسس علمية مدروسة ، وأن الاختلافات من سنن البشرية ولابد للعقلاء أن يكونوا على قدر عالي من المسؤولية في توضيح ورفع أي شبهة هنا أو هناك وأن تسموا لغة الحوار البنّاء والهادف ، وأن لا يسمح لرجل الدين أم يكون منبراً للسياسيين ،بل يبقى موجهاً للجميع ، وعلى الرغم من كون السياسة والدين من منبع واحد ، فالسياسة أخلاقيات وقيم وهذه الأخلاقيات هي الدين ، ولكن السياسي يتخصص في فن السياسي دون غيره .

يبقى شي مهم أن يسعى رجل الدين على أن يكون موجهاً وداعياً للإصلاح دون الدخول في أسرار وأنفاق السياسة لأنها ستكون نهايته كمبلّغ ومصلح، وعليه أن يكون دوره تبليغياً وموجهاً في الإصلاح ، وهذا ما مارسته المرجعية الدينية العليا والتي كانت وما زالت تمارس دور التوجيه والدعوة والإصلاح والوقوف على ملفات الفساد الخطيرة ، والتي أضرت كثيراً بمصالح العراق وشعبه ، كما أنها وفي الوقت ذاته نادت وتنادي بضرورة أصلاح المنظومة السياسية وإعادة النظر بالقوانين والسياسات التي تحاكي المواطن العراقي بغض النظر عن انتمائه الديني أو القومي ، وهذا عين المسؤولية في النظر للمجتمع ككل بأبوة ، وهذا ليس دور المرجعية الدينية فحسب بل سعى إليه كل الشخصيات الدينية من مختلف الطوائف أن يوجهوا الخطاب بما يحقق الوحدة بين أبناء الوطن الواحد، والنظر إلى المجتمع بعين واحدة ، والدفاع عن حقوقه دون تمييز .