23 ديسمبر، 2024 9:13 ص

رجال الإصلاح/ الحلقة الخامسة

رجال الإصلاح/ الحلقة الخامسة

على الرغم من أرتفاع وتيرة المساعي الضاغطة من آجل إجراء إصلاحات جوهرية وشاملة في العملية السياسية في العراق ، إلا أن أمرا واحدا لم يتحقق إلى الان بحجم المطالب الكبيرة التي نادت بها المرجعية الدينية العليا ، و يطالب بها الكثير من المواطنين العراقيين ، فالكتل السياسية التي تدخل الان بمواجهة هي الاولى من نوعها منذ العام الفين و ثلاثة مع الشعب العراقي الذي يعبر عن غضبه بطرق مختلفة ، لم يصل الى الان إلى رؤية إصلاحية واحدة يمكن أن تكون مقنعة للجماهير التي تعتصم على ثلاث بوابات للمنطقة الرئاسية ( الخضراء ) ، و يبدو أنها كما عبر السيد مقتدى الصدر الذي شارك هو الاخر جماهيره الاعتصام أنها باقية إلى أن يتحقق الاصلاح ، بل أن حجم الخلاف صار يرتفع الى مستوى لا يمكن لاحد أن يخفي خشيته من الدخول في مأزق قد يعرض المكتسبات الامنية التي تحققت بإرواح و دماء الابطال من ابناء القوات المسلحة و الحشد الشعبي و مقاتلي العشائر و البيشمركة الى الخطر ، فضلا عن مكتسبات أُخرى بذل من أجلها الغالي و النفيس ، يدور الخلاف بسبب تباين الرؤى التغييرية بين الاطراف الفاعلة في مجلس النواب و الحكومة ؛ و الحقيقة أن أساس الخلاف هو غياب قواعد التصورات و العمل بين الاطراف السياسية ، و إلا ماذا يعني أن ذات الكتل قبل أشهر كانت تساند رئيس مجلس الوزراء بقوة في مساعيه الاصلاحية إلى درجة التفويض ، و اليوم مجرد التغيير الوزاري يدخل بإنفاق من الخلافات القاتلة !؟ و كيف يمكن فهم جدلية أن الجميع يؤمن بضرورة إجراء الاصلاحات و في ذات الوقت يدخل الجميع في خلافات حول الاتفاق على ماهية و شكل هذه الاصلاحات ، هذه الامثلة و غيرها تنم عن غياب قواعد وطنية موحدة يتحرك على اساسها الفاعلون في العملية السياسية في العراق … و هذا سيشكل معضلة أمام أي مسعى إصلاحي أو تطويري ؛ فمن يرى أن إستحقاقاته و مصالحه الحزبية هي معيار المصالح الوطنية لن يكون عنصرا إصلاحيا مهما رأى و عمل من أجل الاصلاح ، لإن المعايير هنا ليست الوطن و إنما العناوين الفرعية التي مؤكدا هي متقاطعة مع المصالح الوطنية ، و هنا على المؤسسات الحامية للنظام كرئاسة الجمهورية و السلطة القضائية أن تكون في موقعها المفترض ، و هذا ما على الجميع أن يطالب به و يعمل عليه ، من أجل أن حفظ الاستحقاقات العظيمة ، و حفظ المسير الاصلاحي في أن يسير في أطاراته المفترضة التي لا يمكن أن يتحقق أي تقدم من دونها ، فلا بد أن يكون للاصلاح من راعي و حامي و مُصوب ، و رئيس الجمهورية بصفته الدستورية الامين على ذلك ، و القضاء بصفته الحصن للدولة القانونية ، هما من ينبغي أن يساندان على ذلك .