يتلقى الجمهور العام في العراق الأسماء التي بدأت تظهر لوسائل الإعلام ، عن المرشحين لشغل المناصب العليا في السلطة التنفيذية ، بالقبول و الرضا على أن يتولى من هم مستقلون و أصحاب كفاءة و خبرة هذه المواقع ، و ذلك بسبب إيمان الجميع بأن الشخصيات الحزبية التي توالت على تسنم المواقع العليا بإنها لم تنجح في القيام بواجباتها و تجاوز التحديات التي تعاني منها الدولة العراقية ، و يعول الكثير من الناس على التغيير الوزاري على أساس نظرية ( التكنوقراط ) بإنه يشكل الخطوة الأولى أو الأهم في عملية الإصلاح الجوهري و الشامل ، و هذا النظرية لا يمكن لإحد أن ينكر صوابها ، و أن العالم بلغ مراحل متقدمة في التخصص على المستويات كافة ، إلا أن ذلك لا يعني كامل العملية الإصلاحية ؛ فمهما بلغت كفاءة و استقلالية الوزير لا يمكن أن يكون العمل ( تكنوقراط ) من غير قانون و سلوك تكنوقراط ، و على الرغم من أن تولي أصحاب الكفاءة للمواقع العليا من شأنه أن يفضي الى تشريعات و منهج عمل كفوء ، إلا أن ذلك بحاجة الى قوة و دعم قد لا تجده الشخصيات التكنوقراط في هذه المرحلة ، بسبب البناء المحصصاتي التي تتسم به العملية السياسية في العراق ، فالوزراء الحزبيون و على الرغم من ثقلهم النيابي أي وجود كتل نيابية تساندهم في المجلس التشريعي ، كانوا يشتكون من عدم قدرتهم على تحقيق الكثير من الاجراءات بسبب المحاصصة داخل وزاراتهم ، و عليه ستمثل المرحلة القادمة إذا ما نجحت الأطراف في توزير الشخصيات المستقلة و الكفوءة مرحلة جديدة من المساعي الإصلاحية ، تتمثل في تحقيق الإصلاحات على أرض الواقع ، فضلا عن الجانب الاهم و هو إشاعة العمل المستقل و التخصصي بعد أن عمت مؤسسات الدولة ثقافة المحاصصة و المحسوبية و غياب الكفاءة ، و في هذا السياق طرحت السلطة القضائية في الايام الاخيرة في ندوة لها مع قضاة هيئة النزاهة و عبر المتحدث بإسمها القاضي عبد الستار بيرقدار تصورا شاملا عن طبيعة العمل القضائي الذي أكد على ضرورة أن تتجاوز الجهات الاخرى و خاصة التشريعية و التنفيذية ما كان سائدا في المرحلة السابقة من عدم قيامها بواجباتها تجاه السلطة القضائية ، و كيف أن تعطيل تشريع القوانين اللازمة و تنفيذ الاحكام القضائية ساهم في تعثير تحقيق نتائج تكاملية للعمل القضائي ، و هذا بالضبط ما نتحدث عنه بشأن تحول العمل الاصلاحي الى ثقافة عملية ، و ليست مجرد إجراءات مجتزئة تمتد الى منطقة في العمل دون الاخرى .