1
تلك القرية الصغيرة اصبحت مدينة كبيرة
اكواخ مضيئة
الناس تخرج لفسحة الى الحدود وتعود
بجوارنا تعيش عائلة مسيحية
كانت تربطهم بابي العظيم صداقة قوية
يتحدثون لساعات خلال اجتماعات الليل
لهذه الاسرة صبية بعمري
اصبحنا اصدقاء كنا نلعب بالحجارة واغصان الشجر
حين بدأت ملامح الهجرة بالتلاشي وبدأ الناس بالعودة الى الوطن
لم يعودوا
قرروا البقاء هناك
قالوا ان المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ستأخذ من لا يريد العودة الى اوروبا وهذا ما حصل لاحقا
والدا الفتاة طلبوا من ابي العظيم عدم العودة والبقاء
لكن ابي العظيم لم يوافق
لم يبقى في القرية سوى بعض العوائل
والبقية عادوا
لا املك اية معلومات حول الفتاة واين هي الان
المسيحيين
بيني وبينهم عيش ملح تربطني بهم علاقات حميمة
دخلت الى بيوتهم جلست على مائدتهم خرجت معهم
مثقفون طيبون مرحون
عندما اكون بينهم اشعر بالحماس
ورثت هذا عن ابي العظيم فلقد كان على صلة وثيقة بالمسيحيين
2
الطبيعة ساحرة هناك
مساحات خضراء مفتوحة
ايام قليلة تفصلنا عن القرية
وصلنا الى منطقة تفيض بالجمال
ينابيع ونباتات
اقتربنا منها
رجل مسلح وامرأة مسلحة
كانا يشربان الماء
القى ابي العظيم السلام عليهم
رد كلاهما السلام
قلت لابي العظيم
من هؤلاء
قال لي
انهم مقاتلي حزب العمال الكوردستاني
كانا ينظران للمارة
3
كانت السماء تمطر
البرق يحول الليل الى نهار
الرعد يتجاوز افق الصدى
ابي العظيم كان يحمل معه قطعة من شادر مطري
صنع منها مظلة لي
وتوقف هو تحت المطر
قلت له انا جائع
كان يحتفظ ابي العظيم بعدة علب بسكويت لي
بحث ابي العظيم عنها لكنه لم يجدها
كنت التهم بين الحين والاخر عدة قطع
بيننا وبين الاسرة التي بجانبنا عدة امتار
كان هنالك موقد صغير عليه قدر
توجه ابي العظيم نحوهم وطلب منهم بعض الاكل
احضر طبقا من البرغل الأحمر
بعد مرور بعض الوقت
جاءت سيدة كوردية مسنة ومعها طبق اخر
الظلام وزخات المطر القوية لم يتركا لي فرصة
لرسم تضاريس وجهها
لا اعرف ان كانت على قيد الحياة ام لا
4
قال ابي العظيم
لن نخرج من المدينة
سنبقى في البيت
لكن القصف كان كثيفا
لم يبقى احد من سكان الحي سوانا وجيراننا وهم من خانقين
سقطت عدة قذائف في المنطقة
واحدة منها وقعت عند الجدار الخارجي لمدرسة القادسية الابتدائية المختلطة
كنت احد تلاميذها
وواحدة سقطت خلف بيتنا في شارع فرعي يحيط به مجموعة منازل لاسر مسيحيين
حينها قرر ابي العظيم ان نترك المدينة
5
دخلنا الاراضي التركية
هنالك اعمدة صخرية مستطيلة الشكل موزعة على خط افقي
قلت لابي العظيم
ما هذا
قال لي
انها الحدود العراقية التركية
6
غابات شاسعة
ونهر
كان علينا اجتيازه للعبور الى الجانب الاخر
حملني ابي العظيم على ظهره وتقدم
شعرت بضغط التيار المائي الهائل
ابي العظيم كان قوي البنية يملك عضلات مصارع
قفزت من ظهره عند الضفة
7
كانت هنالك شجرة ضخمة عند الكوخ في القرية
قطع ابي العظيم فرعا منها وقام بصنع عصا
حفر عليها
هذه العبارة
الهجرة المليونية للشعب الكوردي 1991
هذه العصا رافتنا الى الوطن
وبقيت لسنوات محفوظة عند ابي العظيم
كنت احملها والعب بها
كسرتها بعد حركة بهلوانية طائشة