18 ديسمبر، 2024 11:14 م

“راس الشهر” ومايجلبه للعراقيين..!

“راس الشهر” ومايجلبه للعراقيين..!

“رأس الشهر”.. عبارة لها وقع جميل على مسامع فئات كثيرة منا، وكيف لا..! هو يوم استلام الراتب، وفيه كما نقول في لهجتنا الدارجة (يصعد الدبل) لكن..! من المؤسف والمؤلم حقا أن هذا اليوم بات يحمل لنا إحصائيات تمثل الحصيلة النهائية لعدد العراقيين الذين راحوا ضحية الهجمات الإرهابية لذاك الشهر. إذ عودتنا بيانات تصدر من جهات متخصصة في عراقنا الجديد، على استقبال شهر جديد بتوديع آخر قبله، مضمخا بدماء أخوتنا وأصدقائنا وأبنائنا وأحبتنا وزملائنا، بحيث أصبح الموت أقل ضريبة وأوطأ جباية على العراقي دفعها (قرض فرض) في صباح من صباحات حياته، او مساء من مساءات أيامه إن عاجلا أو آجلا، في بلده الذي يحلم أن يكون يوما ما آمنا. أما السبب في هذا فهو هويته العراقية، وانتماؤه لبلده وأرضه، وأما المسبب فهم حتما القريبون منه والراعون له والمسؤولون عنه والمفوضون بأمره، وليس مخلوقات غريبة نزلت عليه من سماء سادسة او سابعة.

لقد قدم العراق خلال شهر كانون الثاني المنصرم -كعادته- عددا آخر من (ولد الخايبة) وهذه المرة بلغ تعدادهم (1375) مغبونا ومظلوما ومغدورا، وهي حصيلة تعد أكثر بأربعة أضعاف من تلك المسجلة في المدة نفسها قبل عامين. مقابل هذا نرى أرباب الكتل السياسية تتصارع فيما بينها على المصالح الخاصة، وكأنها في وادٍ غير وادي الشعب، وكذلك الكتل النيابية التي تتظلل تحت قبة مجلس النواب. إذ أن شغلها الشاغل اللهاث وراء كل مايخدم كتلتها دون النظر الى المصلحة العامة، ومصالح البلاد، وقطعا كل هذا يجري برعية البرلمان الذي كان حريا به ان يتعجل بإقرار القوانين التي تخدم الصالح العام، فالإسراع في بتها وتشريعها، وإلزام مؤسسات المجلس التنفيذي بالعمل بها، سيقود البلد الى وضع أكثر أمنا وأمانا. وصحيح أنها بشرى زفت الى المواطنين مؤخرا بإقرار الموازنة -على علاتها- إلا أن على المجلس ان يتخذ منها مثابة ومحفزا ودافعا لإقرار باقي القوانين المعلقة والمتأخرة، والتي دارت عليها دورات المجلس وفصوله التشريعية الواحدة تلو الأخرى، فيما لم تحرك رئاسته ساكنا في الإسراع بإقرارها.

فهل يعلم رئيس البرلمان وأعضاؤه وأرباب الكتل والأحزاب، ان التلكؤ والتباطؤ في إقرار القوانين يفضي الى استغلال المغرضين هذا التأخير، ويجيّرونه لصالحهم ولصالح أجنداتهم التي تسيرهم، أي أن الإرهاب وتقصير البرلمان في أداء واجباته يسيران في خط واحد ويفضيان الى ذات النتائج السلبية التي يخيم على البلد وقعها السيئ وأثرها الخطير، وقطعا معلوم من يكون الضحية في كل هذا، ومن يدفع الثمن الباهظ من جراء ذلك. كما أن أي محلل لما يجري في الساحة العراقية يدرك ببساطة، ان لبعض السياسيين دورا ضليعا بتردي الحالة الأمنية فيها، وهنا تشير كما -أشارت سابقا- أصابع الاتهام الى بعض الساسة، لاسيما ان قسما منهم ثبتت عليه جرائم وتورطات بأعمال إرهابية.

فمتى يسمع المواطن في (راس الشهر) خبرا يريح أعصابه من تعبه المتراكم من أيامه الثلاثين؟ ومتى تنتهي البشائر غير السارة التي تمطرها عليه المواقع والقنوات الإعلامية؟ أيلوح في الأفق شيء من هذا ياساستنا؟

[email protected]