افترشت أرض الغرفة …غرفة قديمة مهجورة اتخذها شقيق زوجها مخزنا يضع فيه بعض الاشياء المهملة القديمة بعد ان اكمل بناء بيته الجديد وانتقل اليه وهو غير بعيد عن هذه الغرفة.
….
هتفت لنفسها وابتسمت …لقد أصبح لهذه الغرفة شأن…فهي بمثابة خطوة اولى لتحقيق الهدف الذي تأمل.
اطلت من الباب ودعت اليها بقية الاولاد فأتوا مسرعين وتدافعوا عند الباب وتحلقوا حولها.
هتفت قائلة:-
كما اخبرتكم حين يحضر أفراد لجنة الكشف عليكم ان تظهروا المسكنة وترددوا الكلمات التي اقولها…واضافت ومؤكدة كلماتها …أفهمتم.
قال الاطفال الاربعة وقد جلسوا قريبا من مجلسها على حصيرة قديمة .
ابدت ارتياحها لجوابهم فاستطردت قائلة:- (حين يسألونكم ,أهذا بيتكم..؟
عليكم ان تجيبوا نعم.
قال ثلاثة من الاولاد ..نعم
اما اصغرهم ويدعى محمود فهتف محتجا :-
لكن يا امي هذه ليست بيتنا … فبيتنا ذو الطابقين يبعد مسافة امتار فقط من هذه الغرفة المهملة. غرفة عمي القديمة المهملة.
وفاجأتها نظرته الحادة والمتحدية.
لا…لا أقول هذا بيتنا.!
اغضبتها كلماته ,فهي قد عملت الكثير لكي تحصل على راتب شهري تقرره لجنة مؤلفة من بعض الاشخاص الذين تعرف اسمائهم وهم سينجزون الكشف المقرر لتمنح راتب الرعاية الاجتماعية باعتبارها معوزة وقائمة على تربية اربعة اطفال صغار.
صرخت بولدها محمود ..لا. كيف تقول هذا…؟ الا تريد راتبا شهريا…؟
نعم اريد
اذن عليك ان تظهر المسكنة وتقول لمن يسألك من افراد اللجنة ان هذه الغرفة هي بيتنا وأن امي هي التي تقوم على شؤننا وليس لنا من معيل.
للمرة الثانية يصرخ محمود محتجا
لا … لا… لا اريد ان اقول هذه الاكاذيب فأنت لست القائمة على شؤننا بل ان ابي واخي يعملان ويكدان ويوفرا لنا جميع احتياجاتنا …وانت ايضا لديك محل تبيعين فيه مختلف البضائع و يدر عليك الكثير من المال فحالنا ميسورا وامورنا طيبة فلماذا الكذب…؟
اثارت احتجاجاته الحقيقية والصادقة شعورا بالقماءة والاحتقار لكذبتها الكبيرة وهتف بها هاتف للحظة قصيرة ان تترك الامر لكنها تراجعت وغيرت مسار افكارها لما سيتم لها من امل في راتب شهري منتظر غير مبالية بالخديعة والاحتيال التي تؤديهما .
ظلت نظرات الطفل الموجهة اليها حادة تشتعل غضبا فأغاضها ذلك وكردة فعل منها رفعت يدها لتضربه لكنه انفلت من بين يديها ومضى حيث لا تستطيع اللحاق به.
هنا
قررت أن تهيئ اطفالها الاخرين ليكملوا معها فصول اكذوبة وخديعة تحصل من خلال ذلك على راتب شهري.
…..
توقفت سيارة قرب الغرفة القديمة ونزل منها ثلاثة رجال توجهوا الى باب الغرفة المارب واستأذنوا بالدخول فرحبت بهم ودخلوا وبدؤها بالسلام….
نظرت الى الرجال كان بينهم ابن خالها بالإضافة الى شخصين اخرين فضيقت حجابها وامرت اولادها بالجلوس الى جوارها وراحت تعول قائلة:- (ليس لنا الا الله …انا وهؤلاء الاطفال نعيش في هذه الغرفة القديمة وهذا حالنا).
ارتسم الحزن على الوجوه فيما كانت تخفي ابتسامة هي ابتسامة المنتصر وهي تطالع افراد اللجنة وهم يكتبون تقريرهم مؤكدين استحقاقها لراتب الرعاية الاجتماعية.