19 ديسمبر، 2024 3:31 ص

يُمكنُ القولُ انّ ذا الكتاب / رائحتي شهيّةٌ كالنعناع / طبع قبل ثلاث عشرة سنة، أيْ في العام 2001 ، بيد أنّه أقصي من رفوف مكتبة ييرفللا واحيل على المعاش، استغربتُ الأمر. على الرغم من انطوائه على متعة قرائية، بُذل فيه جهدٌ ابداعي متميّز. وهو عن عشر قصص قصيرة لعشر كاتبات عربيات. أعرف أغلبهن، وقلة لم أقرأ لهن، مثل:/هيام المفلح وهالة الناشف وناهلة ذهب/ تنطوي على نبذة مقتضبة عن كلّ واحدة، ثمّ قصة أو عدد من القصص القصيرة لها. كما أنّ ذات القصص مترجمة الى اللغة السويدية. انّ اخراج الكتاب باللغتين ليس سهلاً. لكنْ، لمَ انتقى ذياب ذي القصص؟ وعنوانُ الكتاب مُثيرٌ أيضاً / رائحتي شهيةٌ كالنعناع/ وأظنّ أنّ كلمة: شهيّة، صفة مُقحمة. وأقولُ الأفضلُ لو كان/ رائحتي كالنعناع/ لكنّ الجهد الذي بُذل فيه يُزيلُ كلّ شكّ أوشُبهة. ويخدم المبتدئين في تعلّم السويدية. تمنيت عند انتهائي من قراءة الكتاب لو أنّ ذياباً قدّم لنا بين آن وآخر كتاباً مثله يُعرّفنا بأسماء أخرى ممّنْ لهم صيتٌ ومكانة. وحسبُ ذا الكتاب انطواؤه على مضامين متنوعة والمتعة التي اتاحها لنا. أن أقصاء الكتاب عن رفوف المكتبة خطأ فادح، فأنا طوال عشرسنوات من روّاد المكتبة لم تلتقِه عيناي. ولا كان منضوياً تحت عناوين الكتب العربية. تُرى أين كان يختبيء؟ حتماً ثمة جهلٌ واهمال أقصياه. أعودُ الى الكاتبات العشر وقصصهن القصيرة ذات مضامين حياتية شتى تستغرقُ أحياناً في تفاصيل سلوكية لا تخطرُ ببال أيّ كان. وأظنّ أن اختيار ذياب هؤلاء الكاتبات وقصصهن لا يعود لمزاج عشوائي، بل جاء عن سبق إصرار ورؤية واعية. نعم، بعضُ الأسماء عراها النسيان / سميرة عزّام مثالاً / وبعضها ذات تألق لمّا تزل تضيء الساحة الأدبية. كما أنّ أغلب القصص لا يشوبها ترهلٌ ولا فضفضة ولا حشو. بل كتلٌ متراصّة ذات بنى محبوكة بحرفية صارمة. وطروحاتها متباينة تتشظى في تفاصيل الحياة والزمن والعيش المشترك. فأملي نصرالله / مثالاً/ ساحرة ساخرة بارعة اسلوباً ومضموناً

ترسُمُ وتمكرُ من دون وعورة أو غموض. تمنحُ في قصّتها حكاية / ليلى والذئب/ بعداً آخر، بمعنى أنّها انقذت القصة الكلاسيكية التي قرأناها أيام طفولتنا المُبكرة من سذاجتها وتلقائيتها. ويمضي بنا الكتابُ من قصة الى أخرى لا يجمع بينها سوى ايقاعها الإبداعي. وأقول: أن ذياباً كان يعي جيداً دواعي اختياره هذه النماذج القصصية. نعم، حظيتُ خللَ قراءتي إياها بمتعة آسرة. وربّما لم تسعفني المصادفة على قراءة كتابات بعض هؤلاء الأسماء. لكنّ ذياباً سيدفعني آجلاً الى البحث عنها وقراءتها. ولا يتمرأى جهدُه وجهدُ رفيقيه الا اذا قرأنا القصص العشر باللغة السويدية. حين انتهيتُ من قراءة القصص العشر تمنيتُ لو واصل ذياب ان يُلحق بكتابه هذا كتباً أخرى تنطوي على أسماء قصصية غيرها، وما اكثرَها؛؛ فنعمَ الجهدُ والاختيارُ والترجمة من العربية الى السويدية. فما قدّمه ذياب مع رفيقيه هو محصلة جهد جماعي مكرّسٌ للاهتمام بالثقافة تتوغل في شرايين الحياة.

أخيراً، أحسبُ أن ذياباً ومن معه أنصفوا هؤلاء الكاتبات العشرواغنوا ثقافة المثقفين عبر هذه الاختيارات والترجمات. وحبذا لو بادر مثقفون آخرون بجهد يُضاهي ما بذله صانعو ذا الكتاب بتعريف الثقافة العربية الى القاريء السويدي، وبالعكس أيضاً.
فطوبى لمَنْ ينفع الناس بمزيد من المعارف.

أحدث المقالات

أحدث المقالات