بعد أنتهاء حكم الولايتين وتشكيل الحكومة الجديدة, أستبشر الناس خيراً لاسيما أن المشاكل مشخصة ومن السهل تجنبها لأن رائحة أفرازتها أزكمت الأنوف, والسبب الرئيسي في فشل الحكومة السابقة هو التفكير الحزبي الفئوي, حزب واحد يدير البلاد فالأمر لا يعدوا أن يكون نسخة مصغرة أخرى من حزب البعث, المضمون واحد وأن أختلفت المسميات.
مرض العضال الذي أنتشر في السنوات الثمانية في جسد الحكومة العراقية, هو التعيين بالوكالة, جعل البلاد والعباد ألعوبة بيد كل من هب ودب, (حزب فلان وكتلة فلان واقارب فلان), أناس عديمي الكفاءة والقدرة والأهلية قادوا البلاد الى المهالك الى أن أفاق العراقيون فجأة وبدون مقدمات على وجود مجاميع داعش على أرضهم ووصل الحال ألى ما هو عليه.
ميزانية مفلسة قطعات عسكرية أنهارت في غضون يومين, فساد أداري يعصف بالبلاد فاقت أضراره أعصار تسونامي, العراق البلد الأول في الفساد, العاصمة بغداد أسوء مكان للعيش في العالم وأوسخ عاصمة, موت يومي, جوع بطالة, محسوبية تهريب أموال العراق ألى الخارج بسبب وزراء أتضح فيما بعد أنهم لصوص ببدلات رسمية, مدارس طينية واقع تعليم متردي, واقع صحي أشبه بالكارثي, ( البلاد خراب فقط المنطقة خضراء عامرة).
كل تلك المصائب والأزمات بسبب التفكير الحزبي والتعيين بالوكالة, مراراً وتكراراً تناولت المرجعية تلك المعضلة, لكن من سبق العبادي لم يكن يسمع, وها هو رئيس الوزراء الجديد يكرر نفس الخطأ.
خطوات ثابتة خطاها العبادي للتخلص من التراكمات السابقة, الى أن بدأ شبح التفكير الحزبي يحوم حوله, وأنزلقت قدمه إلى هاوية تعيينات بالوكالة, هذا ما يبدو عليه المشهد, ألا أن الواقع مختلف تماماً, فرئيس الوزراء الجديد يخطوا بخطوات ثابتة نحو التعيينات بالوكالة مع سبق الإصرار.
تبريرات رئيس الوزراء حول عدم التوافقات لن تغير حقيقة الموقف, فمن عينتهم دولة الرئيس تعرفهم جيداً, لو كانوا غرباء وغير مجربين كما هو حال أمينة العاصمة لما تفوهنا بكلمة, لكنك تعرف جيداً كيف أستقبل أهالي الحمزة بالأهازيج أحد الذين أمرت بتعيينهم, ومثلك من يعرف.
لا تنسى دكتور حيدر أنك وضعت قدمك على الخطوة الأولى في طريق الهاوية, فلماذا تصر على خسارة جمهورك ومؤيديك؟ لماذا توجه الضربة تلو الأخرى الى منجزاتك حتى أنك توشك أن تحيلها ألى ركام؟ رئيس الوزراء بنيانك ما زال رطبا فلماذا تصر على هدمه بمعاول تعيينات الوكالة؟
كنا نأمل أن لا تسمح لأخطبوطات حزبك الذي تنتمي أليه أن تلتف على عنقك, أما مبرراتك عن اللجوء للتعيينات بتلك الطريقة فلم تصل ولن تصل, فقد ذقنا الأمرين من مافيات الفساد ومللنا الأعذار والمبررات, وها نحن نرجع لنفس نقطة أنطلاق الفشل في الحكومة السابقة.
غلطة الشاطر بعشرة كما يقال, الا أنك دولة رئيس الوزراء لم تخطئ سهواً, بل تعمدت أن تضع الشخص الغير المناسب في المكان المناسب, والأمر ليس محض صدفة أو مفارقة, أنما كل من أمرت بتعيينهم من نفس الحزب وهو نفسه الذي تنتمي أليه, مع الأسف رئيس الوزراء فأنت تدور في فلك من سبقك, ولم تتمكن من أن تتجاوز عقدة الحزب الواحد.
القائد الحقيقي هو من يدع حزبه ودينه وطائفته خلفه, ويفكر بعقلية مهنية بحتة فتجربة النظام السابق أدخلت البلاد في دوامة من المآسي, بسبب التفكير الحزبي وسيطرة الحزب الواحد, وتجربة السنوات الثمان لم تخرج عن أطار حزب البعث ,وهاهو اليوم الحزب الواحد يرجع من جديد, القائد الحقيقي من يضع عراقيته نصب عينيه قبل حزبه وكتلته.
أنطلاقا من منهج وضعه خاتم الرسل( عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام) “لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها”, وحاشى لقرة عين الخاتم أن تفعل ذلك, تلك هي القيادة وذلك هو التجرد الحقيقي من الحزبية, وبهذا الفكر المعتدل أصبح السلام دولة مترامية الأطراف, أما في العراق فمن تحوم حوله شبهات فساد يصبح مسؤولاً.
رئيس الوزراء أن تعين يهودياً نزيها, خير لك من أن تعين شخصاً يسيء لدينه وأهله ووطنه ,لا لشيء سوى أنه ينتمي لحزبك, لطالما أستبشرنا خيراً بإدارتكم المعتدلة وأقلامنا كتبت للعراق ومن أجله, عندما كنا نرى في قيادتكم خيرا للعراق وأهله, لذلك دكتور حيدر دعنا نكتب عنك وعن منجزاتك, ولا تدع أقلامنا تكون عليك, فمن يكون مع العراق نحن معه, ومن يكون عليه, ستكون أقلامنا عليه.