19 ديسمبر، 2024 3:02 ص

رئيس البرلمان الجديد بطعم البعث

رئيس البرلمان الجديد بطعم البعث

قبل أيام ليست بعيدة كان جميع المتظاهرين والمصلحين والمعتصمين يعتبرون البرلمان والبرلمانيين المؤسسة الأكثر فسادا في العالم بما اكتنزوا من أموال سحت وما هربوا من عملة صعبة وما استولوا عليها من أراض وممتلكات ومواقع وبما نهبوا من رواتب وامتيازات لهم ولحماياتهم الوهمية وهم محقين بكل ما قالوا وما تحدثوا.
ومع ان مطالب المصلحون والمتظاهرين والمعتصمين كانت تصب باتجاه تشكيل حكومة تكنوقراط يرفع لوائها رئيس الوزراء القديم الجديد حيدر ألعبادي،إلا إن البوصلة أخطأت اتجاهها وبدل ان يكون التغيير في الوزراء وفي رئاسة الوزراء جاء التغيير من وفي البرلمان فأطيح برئيس البرلمان السني سليم الجبوري ومعاونيه خلال ساعات بجلسة مغلقة اعتبرها المعتصمون شرعية واعتبرها الآخرون انقلاب على الشرعية.
قبل أيام كان مشعان الجبوري قاتلا وبعثيا وفاسدا باعترافه وشهادة الجميع،وقبل ايام كان الصيادي بلطجيا وجاهلا ومستهترا وقاتلا ،وقبل أيام كان أولاد وأحفاد صخيل النسخة الاسوء من الحمايات والجهلة ممن أنتجهم نظام القائد الضرورة ومختار العصر،لكن في لحظة واحدة تغيرت العناوين والمسميات وأصبح القاتل والسارق والبعثي والوهابي بطلا وشريفا ومصلحا لأنه اعتصم في البرلمان ورفض المحاصصة وطالب بحكومة تكنوقراط ليس كما يريد بل كما يريدون.
أنت إذا في العراق ولأنك في العراق فلا تقف كثيرا أمام المواقف والقيم والنخوة والصدق وقيمة الكلمة وغضب الشارع المحتقن،بإمكانك ان تقتل وان تنهب وان تزني وان تمارس القتل على الهوية وبإمكانك ان تهجر الآلاف وتستولي على البيوت والاراض وبإمكانك ان تفعل كل شيء وتمارس سلطة الدولة في المنح والأخذ والعطاء،لأنك في العراق لا تخشى من كل ماقيل ويقال عن فسادك وإجرامك واستهتارك ،لان كل ما قالوه سينسونه بموقف واحد حتى لو كان مصطنعا او كاذبا…اذا ثمن البقاء بسيط جدا وهو الوقوف مع الموجة لا ضدها عندها تكون قد تخلصت من كل آثامك وخطاياك.
لن تنتهي الحكاية وما اعتبره البعض انتصارا وضحكا على ذقون المغفلين إنما هي البداية ومع أنها بدأت بالإطاحة بمتشدد سني وتنصيب بعثي سني محله عندها نكون امام خارطة جديدة غير قابلة للتنفيذ،سقط الجبوري بفوضى الإصلاح وسيسقط ألعبادي ومعصوم بفوضى التوافق والمحاصصة والتوازن .
فوضى الإصلاحات وحكومة التكنوقراط كشفت عن وجود فرص حقيقية لعودة البعث والبعثيين لمجرد الوقوف الى جانب المعترضين وكشفت أيضا غباء الرافضين لأنهم بعد كل هذه السنوات لا زالوا يجهلون كيفية التعامل مع الأزمات عامة ومع العراقيين بصورة خاصة.
الاسوء في الأمر ان المجهول هو الطريق الحقيقي لمطالب وفوضى المعترضين والتكنوقراط لأنهم لا يملكون مشروعا حقيقيا ولأنهم يسابقون الزمن في الخطوات المقابلة وكان الأمر يختص بمواقف شخصية ولا تتعلق بوطن وشعب مسلوب ومنتهك القداسة.
لا تفرحوا كثيرا بتغير الجبوري بالجنابي لان تغيير الوجوه والأسماء لا يجلب الاستقرار لان الخلل بالمنهج والأدوات ولان التغيير لم يغادر المحاصصة التي افترش النواب والنائبات المصونات الأرض من اجلها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات