منذ فوز ابراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الاخيرة التي أثارت جدلا طويلا، فقد قيل الکثير عن رئيسي وعن مايمکن أن يقوم به أو لايقوم به من سياسات على مختلف الاصعدة، لکن والذي لفت النظر إن رئيسي قد أطلق تصريحين مهمين يجب الانتباه لهما؛ الاول بشأن عزمه على القيام بالتواصل مع بلدان المنطقة من أجل ضمان الامن وبناء علاقات إيجابية معها أما التصريح الثاني فقد کان بشأن إستمراره في محادثات فيينا النووية، ومن دون شك فإن موضوعي التصريحين کما يبدوان حيويين بالنسبة لطهران وهما يشکلان معا رکنين بالغي الاهمية في السياسة الايرانية وحتى يمکن القول بأن لهما علاقة ببعضهما.
هل ستتغير السياسة الايرانية تجاه المنطقة خلال عهد رئيسي سواءا سلبا أم إيجابا؟ هذا السٶال هو المطروح حاليا في بلدان المنطقة ويتم الترکيز عليه بصورة ملفتة للنظر، ولکن وقبل الاجابة ومنذ أن بدأ النظام الايراني تدخلاته في المنطقة، فهل إن هذه التدخلات قد طرأ عليها ثمة تغيير أو إختلاف من عهد رئيس إيران لآخر؟ من دون شك إنه لم يکن في عهد أي رئيس إيراني تغيير في التدخلات التي يقوم بها هذا النظام بل إن الملاحظ إنها بقيت على حالها خلال مختلف العهود دونما أي تغيير بل والانکى من ذلك إن هذه التدخلات کانت تتوسع وتترسخ أکثر خلال عهود من تم وصفهم بالمعتدلين نظير خاتمي وروحاني.
رئيسي لايمکن أن يغير شيئا من التدخلات الايرانية في المنطقة وخصوصا من حيث التخفيف عنها أو تحديدها، بل إنه سيسير على نفس النهج والخط العام الذي رسمه النظام بهذا الصدد، لکن مع ملاحظة إن رئيسي قد تم إختياره وترشيحه من قبل المرشد الاعلى للنظام، وهذا مايجعله کمن مکلف بمهمة خاصة من دون أسلافه، والمهمة هي وکما تٶکدها أوساط سياسية مطلعة على مجريات الامور في إيران، المحافظة على المکتسبات والمنجزات التي قد حققها النظام الايراني خلال العقود الاربعة المنصرمة، ولاسيما وإن النظام يواجه أوضاعا صعبة جدا ويمر بأخطر أزمة عامة منذ تأسيسه، ومن دون شك فإن أهم مکسب أو منجز لهذا النظام لو قمنا بمراجعة أدبياته فإنه يتجلى في بسط نفوذه وهيمنته على أربعة بلدان في المنطقة، وهذا الامر کان دائما ورقة بيد طهران في أية مفاوضات أو محادثات مع الاوساط السياسية الدولية مثلما إنها ورقة تهديد وضغط تلوح بها ضد دول المنطقة عموما، ولاريب من إن رئيسي سيحرص أشد الحرص على بقاء وإستمرار الهيمنة والنفوذ غير العادي لنظامه في بلدان المنطقة وحتى سيقف بقوة في وجه أي نوع من أنواع المس أو الاخلال بها!