انتخب مجلس النواب العراقي، مساء الخميس الماضي ، محمود المشهداني رئيساً له، بعد حسم الجولة الثانية من عملية التصويت وحصوله على 182 صوتاً في الجولة الثانية من التصويت لرئاسة المجلس، متفوقاً على منافسه سالم العيساوي الذي نال 42 صوتاً، بينما ألغي 39 ورقة اقتراع كأصوات باطلة, فهو أول رئيس لمجلس النواب بعد الاحتلال , كما انتخب رئيساً للاتحاد البرلماني العربي عام 2008
ووصفت حنان الفتلاوي، رئيسة كتلة “إرادة” النيابية، عقب انتهاء الجلسة، بان سيطرات“نُصبت للنواب” للتصويت للمشهداني, وقالت في برنامج تلفزيوني، “في الجولة الثانية فرض رؤساء الكتل على النواب تقديم إثباتات على التصويت للمشهداني“، كما إن “رؤساء الكتل نصبوا (سيطرات) للنواب بعد النزول لإثبات تصويتهم للمشهداني, ونقل النائب السابق مشعان الجبوري، كلاما مشابها، وأكد إن “رؤساء الكتل جلسوا عند السلم المؤدي لمنصة التصويت في القاعة، وكانوا يطالبون النواب بإظهار أوراق التصويت لكي يتأكدوا من تصويتهم للمشهداني.
يقول المصدر القريب من “الإطار التنسيقي“، إن “قبول الحلبوسي بالمشهداني، كان مجانا, وان الإطار التنسيقي تخلص من ملف ضاغط، واتهامات بالسيطرة على مناصب السُنة، وهو وضع يهدد البلاد أمام التوترات العسكرية بالمنطقة,, ويشير الى ان المهم “تخلص الإطار التنسيقي من ملف ضاغط، واتهامات بالسيطرة على مناصب السُنة، وهو وضع يهدد البلاد أمام التوترات العسكرية بالمنطقة, ،ويرجح لمصدران “الصفقة ستظهر في تغييرات في خريطة الحكومات المحلية؛ بعد ماجرى في ديالى وصلاح الدين، سيجري في مدن اخرى، لصالح الحلبوسيوفريقه,, “الإطار التنسيقي” يريد من خلال الرئيس الجديد، تمرير قانون “الاحوال الشخصية” و”قانون الحشد”، و”الانتخابات” و”مفوضية الانتخابات, ألآان “المشهداني لا يبحث عن تقاعد مريح”، بل المشهداني يريد نهاية بوصفه زعيما سياسيا كما يتوقع اباحثون في الشأن السياسي
مضى حتى الآن خمس دورات تشريعية، تولاها خمسة رؤساء برلمان هم بحسب الترتيب، محمود المشهداني وإياد السامرائي وأسامة النجيفيوسليم الجبوري ومحمد الحلبوسي، والأخير لم يستكمل دورته الثانية، ليترك وراءه خلافاً وجدلاً كبيراً عمن يخلفه، كان آخرها المعارك والاشتباكات بالأيدي بين مؤيديه من جهة وخصومه من الأحزاب الموالية لكتلة خميس الخنجر كما أشيع,, يتلخص عمل البرلمان بدورين رئيسين، الأول تشريعي والثاني رقابي. في المجال التشريعي يقتضي مناقشة وقراءة المشاريع المقدمة من الحكومة العراقية، وبحسب حاجتها، إضافة إلى مقترحات القوانين التي تقدم إلى مجلس النواب وتجري قراءتها مرتين، وتعرض بعدها للتصويت في القراءة الثالثة، ثم توكل للجنة البرلمانية المتخصصة لتنفيذها وإعلام الجهات الحكومية بالتشريع,, أما الدور الرقابي للبرلماني، وهو ثاني مهامه الرئيسة فإنه يتلخص بمراقبة أداء الحكومة وتنفيذها القوانين والمشاريع المصدق عليها، وإلزامها تفعيل أدائها، وفي حال التلكؤ تتعرض للأسئلة الشفوية من النواب، وتوجيهات المذكرات حتى الاستجواب، ثم التصويت على الوزير أو أي مسؤول تنفيذي بالبقاء أو المغادرة من المنصب ,, أزمتان تواجهان عمل البرلمان العراقي وتحدان من فاعليته، الأولى أنه لم يقر بوجود معارضة وطنية داخل المجلس من بين الأعضاء، كما هو معمول في الأنظمة الديمقراطية في العالم، وخلافات الموازنة بين (غالبية) تشكل الحكومة و(أقلية) تلتزم خط المعارضة التي تراقب العمل الحكومي.
ويرى العراقيون بان المشهداني جاء في توقيت حساس “في كيفية تحييد العراق عن الحرب بالمنطقة، وان لا نكون متنفسا للصواريخ الايرانيةاو الاسرائيلية,, ويعتقد كثيرون , أن انتخاب المشهداني يمثل بارقة أمل في الانفراجة التي تشهدها العملية السياسية بعدما أنهت المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في العراق، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي رئاسة محمد الحلبوسي، السياسي السني البارز للبرلمان، بناءً على دعوى “تزوير” تقدم بها أحد النواب، وعلى أثر الحكم، قررت رئاسة مجلس النواب العراقي إنهاء عضوية الحلبوسي بصورة رسمية. انتخابه سيرفع حجم الأداء التشريعي والرقابي في المرحلة المقبلة، بسبب عدد القوانين الموجودة في اللجان النيابية التي سنمضي لتشريعها
على الرغم من انعقاد عدة جلسات للتصويت على رئيس جديد للبرلمان العراقي إلا أن الإخفاق في الاتفاق على مرشّح معين قد تفاقم بسبب الخلاف المتصاعد بين القوى السنية على مرشّح توافقي , وتزامن “تجاهل” و”تفعيل” القضية أثناء التوترات العسكرية في المنطقة، واحتمال تعرض العراق إلى ضربات إسرائيلية,, وكان ملف “رئيس البرلمان” قد تحول الى “قضية شيعية”، بعد اقالة الحلبوسينهاية العام الماضي، وامساك محسن المندلاوي، أحد زعماء. “الإطار” المنصب بالوكالة.هذه التسريبات تتحدث عن أن التوترات في المنطقة يمكن أن “تعصف بالعراق”، ولذلك وجد “الإطار التنسيقي” انه من المهم تحصين “الجبهة الداخلية” خوفا من حدوث مفاجآت.وعلى هذا الأساس قرر “الإطار” تنحية خلافاته جانبا، والاتفاق على حسم ملف رئاسة البرلمان
فمنذ أن تم استبعاد محمد الحلبوسي من رئاسة مجلس النواب العراقي بقرار من المحكمة الاتحادية والبرلمانيون يهدرون الكثير من أوقاتهم ويتعبون أنفسهم في محاولة لاختيار رئيس جديد لمجلسهم. ليست هناك على جدول أعمالهم قوانين أو مسائل ملحة يناقشونها. وإذا ما كان منصب رئاسة المجلس من نصيب المكون السني حسب العرف المعمول به في سياق نظام المحاصصة فإن حسم ذلك الأمر لم يُترك للكتل والأحزاب التي تحتكر تمثيل المكون، فهي لا تمتلك القدرة على الدفاع عن حقها في ما يُسمي بـ”الاستحقاق الدستوري , كل المرشحين الذين تقدمت بهم الكتل والأحزاب “السنية” لنيل المنصب لم يوافق عليها ممثلو تحالف الإطار التنسيقي وهو الكتلة الأكثر ثقلا في البرلمان. وبالرغم من أن رئاسة مجلس النواب لا تقدم ولا تؤخر في مسألة إقرار القوانين التي تفرضها الكتلة الأكبر فإن هناك مَن ينظر بحساسية مبالغ فيها إلى نوع الشخص الذي يحتل ذلك المنصب وتوجهاته التي يجب أن تكون متطابقة بشكل كليّ مع السياسات التي يفرضها التحالف “الشيعي” والمعروف بنزعته الطائفية التي أغرقت العراق بالعديد من الكوارث والمآسي، كان احتلال داعش للموصل وغرب العراق أشد تلك الكوارث عبثية, والعراقيون يعرفون برلمان العراق، برلمان العراق هو كيان معلّق في الفضاء وهو لذلك مقطوع الصلة بحياة العراقيين، بل لا يراقب عمل الحكومة إلا بطريقة كيدية، وهي طريقة الانتقام الحزبي والطائفي ,, من دواعي السخرية المريرة أن يكون البرلمان هو المكان الذي تُخترق فيه الديمقراطية. النواب الذين تم اختيارهم على أساس ديمقراطي حسب ما يُقال محرومون من ممارسة حقهم الديمقراطي في ظل هيمنة كتلة حزبية، لم تعد قادرة على تحمل شروط النظام الطائفي الذي وضعها في الواجهة حين وهبها حقوقا تقع خارج الاستحقاقات السياسية. لهذا يمكن القول إن الديمقراطية الطائفية تُدار بطريقة تُلغى من خلالها حقوق طائفة بغض النظر عن الاستحقاق الدستوري., وتطمح الكتل السنية أن يشرع البرلمان، تحت إدارته الجديدة، بمناقشة القوانين المصيرية التي ينتظرها شعبنا الكريم، وأهمها التصويت على تعديل قانون العفو العام عن الأبرياء ضحايا المخبر السري وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، وتعويض مدننا المدمرة جراء العمليات الإرهابية، وحل هيئة المساءلة والعدالة وتحويل إدارة الملف إلى السلطة القضائية
الأزمة التي يتعرض لها البرلمانيون فإنها تتعلق بحرية النائب واستقلالية قراره، فهو مقيد بتوجيهات كتلته التي ترشح عنها، فهو محدد بموافقات رئيس الكتلة، حتى أظهرت بعض الوقائع أن بعض رؤساء الكتل يأخذون توقيعات مرشحيهم على بياض ويحتفظون بالقلم نفسه الذي وقع فيه لضمان ترويج استقالتهم عند الحاجة، أو فرض مبالغ كبيرة يهددون بها بالملاحقة القانونية في حال خروجهم عن طاعة كتلهم التي عمدت ترشيحهم، وكانت هذه المشكلة سبباً في إقالة رئيس البرلمان السابق كما أشيع. ويعاني البرلمان العراقي أيضاً فساد السلطات، ولم يتمكن من حماية الدولة من تغول قوى اللادولة وتعدد مراكز القرار وعدم السيطرة على السلاح والهدر غير المسبوق للمال العام
كان أمل الشعب في التغيير بالنواب الشباب من المستقلين الذين برزوا بعد انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ليكونوا كتلة مستقلة معارضة للسائد في البرلمان العراقي، وعددهم نحو 50 نائباً، لكنهم خذلوا بعد انسحاب الرديف الصدري المكون من 73 عضواً من جهة، وغياب الرؤية الموحدة لإرادة سياسية لديهم، تمكنهم من مكاشفة الجمهور عما يحدث داخل البرلمان من جهة ثانية، وتوحدهم بكتلة قوية شابة., لم يتحقق أي من الأهداف السابقة بل يكاد يكون هؤلاء النواب ذابوا وسط أمواج الكتل الكبيرة التي تملك المال والدعم والخبرة في العمل البرلماني والسياسي، إضافة إلى القوى الساندة داخل الحكومة وخارجها، فكانوا إزاء لعبة هواة أمام محترفين خبروا العمل البرلماني وأجادوا امتهانه لدورات متكررة