هل نحن سائرون في الطريق الصحيح؟
هذا السؤال المهم والكبير نترك الاجابة عليه الى الظروف والوقائع والاحوال التي يمر بها العراق عامة والاقليم خاصة والتي تكشف عن مشكلات وازمات وتحديات كبيرة وخطيرة تواجه كلا الطرفين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كوردستان والتي وصلت الحال بينهما الى المزيد من التصعيد والتهديد والاعلانات المتكرة عن قيام هذا الطرف او ذاك بخرق الاتفاق النفطي الاخير الى جانب الادعاء من كلا الطرفين بخرق الدستور وعدم تنفيذ احكامه وغيرها من الاتهامات التي اصبحت ممله وغير مقنعة للكثير من المتابعين والمواطنين على حد سواء.
ان من المهم القول ان ظروف الحال وواقع حياة الناس يسير من سئ الى أسوء رغم اختلاف درجة السوء والسبب الذي اوصل الامور الى ما هي عليه الآن، والتي قد يعتقد البعض ان تمدد وتوسع مناطق نفوذ ما يسمى ب(داعش) وسيطرتها السهلة على ما يعادل 22% من مساحة العراق وقدرتها على احتلال مدن مهمة وكبيرة مثل الموصل والرمادي خلال ايام او ساعات لاسباب ليست هي موضوع هذا المقال ولكنه يفتح الباب والمقام لاسئلة كبيرة وكثيرة موجعة وربما صاعقة للكثير من المواطنين والسياسيين واصحاب القرار الذي لا بد وان شعروا بان مواقعهم وكراسيهم مهزوزة ومهددة بفعل العامل الجديد (داعش) والذي كان يتوجب عليهم الاتحاد او على الاقل توحيد المواقف من اجل مواجهة العدو المشترك لهما.
لكن مع الاسف ازدادت المسافة بين الحكام والمحكومين في هذا البلد والذي لم تنفع كل ادوات ووسائل الديمقراطية المعروفة وعشرات او مئات البرامج التلفزيونية والصحف ووسائل الاعلام التي تابعت ونقلت الوقفات والاحتجاجات والتظاهرات والاعتصامات وساحات الغضب الشعبي التي انتشرت في الكثير من المدن العراقية لاسباب وغايات مختلفة حتى وصلت الى الكثير من المدن محسومة الولاء واللون الطائفي المعروف كما هو الحال في مدن الناصرية والبصرة وميسان والتي تم انهاء كل من يخالف الحكومة باتهامات واحكام مسبقة على المنظمين والمشاركين فيها مما زاد من القطيعة وعلو الجدار بين الحكومة والناس.
ان ماحدث وما يحدث وما هو مرشح ومتوقع للحدوث في العراق هو التصعيد وتسريع المواجهة بين كل الاطراف، بعضها مع البعض الآخر، او مع الحكومة او مع غيرها من مراكز القوة والتاثير في هذا البلد الذي يبدو كأنه لا يكفي كل هذا الموت والقتل والتشريد الذي حدث ويحدث في انحاء كثيرة من العراق والذي يزيد من مساحة الظلم وعدد المظلومين وتنامي الشعور والوعي بالظلم والاضطهاد الذي يتعرض له المواطن سواء ظل في بيته او نزح او هاجر من مدينته، فالحكومة ساهية غافلة نائمة هائجة في مواجهة ما تسميه بالارهاب وهي من حيث تدري او لا تدري تغذي وتساعد في انتشار الارهاب.
ما أحوجنا اليوم الى خطاب العقل الذي يناسب الواقع ويستجيب لحاجات ومطاليب الناس اللذين لم يعد لهم الثقة في الكثير مما هو موجود، ومما أحوجنا اليوم الى كلمة كفى وتوقف عن كل هذا القتل والتدمير وخطابات الثأر واحكام الاعدام التي تصدر بالجملة الى جانب دعوات تنفيذ الاعدامات الجماعية والضغط على هذه الجهة او تلك من اجل ذلك.
من يريد بناء بلد يجب ان يؤمن بالمصالحة قولاً وعملاً ويسارع على الاقل في التقليل من الضحايا من خلال فتح باب الامل وتشريع قانون العفو العام والشامل وتطبيق بنود الاتفاق السياسي في تشكيل الحكومة العراقية من غير تسويف او تأجيل.
الى جانب حل كل المشكلات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم على اساس الدستور النافذ والاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، وابعاد كل الاصوات والدخلاء على الساحة السياسية في العراق والذين يتاجرون بتصريحاتهم المناهضة للاقليم والموجهة اساسا لاخفاء عيوبهم وفشلهم في كل شئ فيحاولون تصدير فشلهم للاقليم الذي يبني ويحارب ويدافع وينتج ويصدر نفطه بعد ان فشلت كل الحلول والاتفاقات ولم يبقى غير اعلان الاستقلال الاقتصادي للاقليم بعد اكثر من عام من قطع رواتب وميزانية وحصة الاقليم من الميزانية الاتحادية.
ان الطريق الصحيح هو في الاستجابة لمطاليب المواطنين وحل المشكلات اليومية والآنية بشكل سريع وحاسم ومراعاة حقوق الانسان والديمقراطية وانشاء دولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون والقضاء العادل القوي على الجميع.