23 ديسمبر، 2024 4:47 ص

رؤية جديدة .. صدام حسين كان ضحية حاجة الشعب العراقي للقسوة

رؤية جديدة .. صدام حسين كان ضحية حاجة الشعب العراقي للقسوة

حقائق الواقع لها الأولوية في تشخيص مشاكل العراق وهي فوق الميول المزاجية والأيديولوجية وحتى المبدئية ، والحقيقة التي امامنا جغرافيا وتاريخيا وإجتماعيا ونفسيا وسياسيا هي ضرورة ان يتصف الحاكم للعراق بالقسوة التي تعد حاجة وطنية للحفاظ على كيان الدولة مثلما ظهر لنا بالتجربة بعد سقوط نظام صدام وإجتياح الفوضى والخراب للبلد بسبب غياب القسوة ، وعلى ضوء هذه الحقيقة دعونا نقلب المعادلة كالتالي : ان صدام حسين ونظامه كان يستخدمه الشعب العراقي لتحقيق حاجاته الضرورية في السلطة الحازمة والقاسية ، بمعنى ان الشعب وظف قساوة نظام صدام حسين لخدمة متطلباته الحيوية والهامة جدا في ضبط فوضويته وغياب الشعور بالمسؤولية ، والضرورات الوطنية للقيام بالتصدي للتنظيمات السياسية المعادية للدولة وليس النظام ، ويتحول بهذا المعنى صدام حسين ومن معه الى ضحية وليسوا جلادين لشعب لايستقيم في تفكيره وسلوكه إلا بالقسوة كما ثبت بالتجربة ، و معظم ماقامت الأجهزة الأمنية من مخابرات وأمن وإستخبارات وماكان يوصف بالقمع والدكتاتورية .. كان في حقيقته عملا وطنيا شجاعا ضد مايسمى المعارضة ..إذ لم تكن لدينا معارضة وطنية ، بل كانت حركات تخريبية معادية لكيان الدولة وقد توزعت تلك التنظيمات على الشكل التالي :

– الحزب الشيوعي :
تنظيم عمل طوال تاريخه على تعطيل وتدمير الدولة العراقية .. وكان دوما يثير اعمال الشغب والتخريب منذ العهد الملكي ولغاية الآن ، إذ كان أحد الأدوات التي إستخدمها الإتحاد السوفيتي سابقا في الحرب الباردة لإحداث الإضطرابات في العراق ومنعه من الإنفتاح على العالم الغربي المتحضر والإستفادة من تطوره ، ثم تحول الحرب الشيوعي الى أداة بيد الأحزاب الكوردية ورفع السلاح معها ضد الدولة وإرتكب جرائم قتل الجنود العراقيين ، وشارك إثنان من رؤوساء هذا الحزب في رئاسة لجنة مايسمى لجنة تطبيق المادة 140 التي تهدف الى التطهير العرقي ضد العرب والتركمان في كركوك لصالح الكورد ، وطبيعي ان الدولة امام هكذا خطر يجب عليها التصدي له سواء كان الحاكم صدام حسين أم غيره ، ومؤخرا تآمر الحزب الشيوعي على التيار العلماني وسارع الى التحالف مع تيار مقتدى الصدر الميليشياوي الديني الظلامي !

– التنظيمات الإسلامية :
ثبت بالتجربة انها تنظيمات تخريبية مدمرة للدولة العراقية ، تعمل حسب الأوامر الإيرانية ، وقامت بنهب ثروات العراق وتعطيل الصناعات والزراعة والتجارة والكهرباء وتكرير المشتقات النفطية من أجل خدمة المصالح الإيرانية على حساب الشعب العراقي .. مثل هذه التنظيمات ماذا سيكون موقف السلطة منها .. هل السكوت وإرتكاب خيانة عدم الحفاظ على البلد من الأعداء ..أم محاربتها حسب نهج صدام حسين وإبعاد خطرها الذي نلمسه حاليا؟

– الاحزاب الكوردية :
كانت ولاتزال هذه التنظيمات تمارس سلوك وممارسات عصابات المافيا ضد الشعب الكوردي وكذلك الدولة العراقية ، وحملت السلاح حسب الطلب من الإتحاد السوفيتي سابقا وإيران وليبيا وسوريا وإسرائيل ، وهي تهديد دائم لكيان الدولة العراقية وليس النظام الحاكم ، قتلت أبناء القوات المسلحة ، ونهبت المصانع ومعسكرات الجيش والاموال ولاتزال مستمرة على نفس النهج ، وحينما إنهارت الدولة العراقية عام 1991 بعد غزو الكويت توفرت الفرصة لإستقلال كردستان وإعلان الدولة ، لكن هذه التنظيمات رفضت تحقيق الأحلام والشعارات في إقامة الدولة الكوردية التي كانت ترفعها مما يعني انها حملت السلاح وقاتلت العراق لتحقيق اهداف الدول الأخرى وخدعت شعبها وكبدته خسائر فادحة ، وتعذب أفراد المجتمع الكوردي كثيرا بسبب هذه الأحزاب دون تحقيق حلمه بالإستقلال ، وإذا كان الظرف الدولي غير ملائم لقيام الدولة الكوردية ، السؤال : لماذا حملت تلك التنظيمات السلاح وقدمت الخسائر وهي تعرف إستحالة قيام تحقيق الإستقلال مثلما ظهر عند إنهيار العراق عام 1991 ومابعده ؟

امام هكذا تنظيمات تخريبية شيوعية وإسلامية وكوردية معادية للعراق … يفترض بنا تأدية تحية الشكر والتقدير للأجهزة الأمنية التي تصدعت لها ودافعت عن الدولة من خطرها وأخرت كثيرا حدوث هذا الخراب الحاصل امامنا حاليا.

لقد ظهر منطق الواقع واضحا بعد زوال قسوة صدام حسين عن رقبة الشعب وفشل الديمقراطية و حدثت الفوضى والتخريب وسرقة المال العام وتعطيل مقدرات البلد ، ولأول مرة بتاريخه الحديث أصبح العراق ضيعة ملحقة بإيران لدرجة صار تعيين رؤوساء الجمهورية والورزاء والبرلمان وجميع المناصب العليا الأخرى يأتي حسب الأوامر الإيرانية ، وأصبح شرفاء العراق يموتون كل يوم عشرات المرات وهم يشاهدون العجم الإيرانيين يحتلون بلدهم ويسرقون ثرواته ، وتم ضرب الروح الوطنية وأصبح العميل الإيراني لايشعر بعار العمالة بل يتفاخر بها امام وسائل الإعلام .. ولو كنا نحن المعارضين لنظام صدام حسين نملك حس العدالة والحرص على الدولة العراقية .. لأعتذرنا من صدام حسين ومن حكم معه ، وصفقنا كثيرا لأجهزة نظامه الأمنية على بسالتها وشجاعتها في أداء الواجب الوطني ، فقد دفع الشعب العراقي صدام حسين جبرا الى ممارسة تلك القسوة التي ثبتت الحاجة الوطنية لها ، فالعراق وجميع البلدان العربية لا يصح فيها إلا الخطأ وليس الصحيح.
ختاما .. لابد من التنويه : ان الكلام هنا حصرا حول ضرورات القسوة ، وليس كل مسار نظام صدام الذي إرتكب الكثير من الأخطاء والجرائم ضد الأبرياء وشن الحروب العبثية وحرمان الشعب من ثرواته.