18 ديسمبر، 2024 7:48 م

رؤىً متباينة في الحرب الروسية – الأوكرانية!

رؤىً متباينة في الحرب الروسية – الأوكرانية!

A \ منذُ اسابيعٍ مضت , كانت موسكو تشترط على حكومة زيلينسكي ازالة الألغام من المياه البحرية المواجهة للموانئ الأوكرانية , مقابل موافقة روسيا على السماح لسفن الشحن الأوكرانية ” المحملة بالحبوب وزيت البذور ” لتصديرها الى عددٍ من دول العالم التي يدنو شبح المجاعة منها , لكنّ ” كييف ” رفضت الطلب الروسي وبتصلّب خشيةً من اقتحامٍ بحريٍ روسيّ للموانئ الأوكرانية , وبقي الموقف بين شدٍ وجذب , الى أن وافقت موسكو ” او رضخت ” على ابحار السفن الأوكرانية دون ازالة الألغام , حيث تبحر تلك السفن وفق خارطة الألغام عبر الممرات المائية المحددة , وهذا ما حدث خلال اليومين الماضيين في الإجتماع – الإتفاق الذي انعقد في تركيا بحضور امين عام الأمم المتحدة , واعقبه ايضاً ” بيومٍ واحدٍ ” قصفٌ روسي ببضعة صواريخ على البنية التحتية لميناء اوديسا الأوكراني دون غيره من الموانئ الأخرى , ولازال الإتفاق سارٍ وماضٍ على أن تخضع السفن الأوكرانية لتفتيش البحرية الروسية تحسباً لنقلٍ اسلحةٍ لأوكرانيا عند عودتها لموانئها .

ليس القصد هنا سرد واستعراض هذه التفاصيل في السطور اعلاه , لكنما ما يدهش المراقبين وعموم الرأي العام فيتمحور في كيفية قبول الروس لدعم اقتصاد دولةٍ في حالةِ حربٍ معها .! , وماذا تستفيد موسكو من ذلك ؟ وما يظهر على السطح لغاية الآن أنّ موافقة روسيا على هذا الأتفاق هو موقف انساني – اعلامي او دعائي أمام دول العالم او الرأي العام العالمي , ولا يصعب الإفتراض أنّ هنالك خفاياً ما وراء ذلك قد تتضح احجيتها في وقتٍ لاحق .! , بالرغم من أنّ بعض التقديرات تومئ أنّ اتفاق تصدير الحبوب هذا قد لا يستمرّ طويلاً , وربما يتوسع لتصدير محاصيل ومواد اخرى تمهيداً لترطيب اجواءٍ لاحقة لتسوية إيقاف الحرب وفق سيناريوهاتٍ معيّنة , لكنّ الأدهش من هذه الدهشة هو عدم اشتراط موسكو لرفع بعض العقوبات ” على الأقل ” عنها مقابل هذه الإتفاق الأخير , وهو أمر تصعب الإجابة عليه .!

B \ في التعمّقِ في النظر الى هذه الحرب , فمن اولى الملاحظات الساخنة في الجانب العملياتي منها , فكأنَّ إتّفاقاً ضمنياً بين كييف وموسكو ” دونما ايّ اتفاقٍ فعليٍ ” , بحصر العمليات الحربية الروسية في المناطق الحدودية والمدن القريبة منها , دون التعرّض الفعلي للعاصمة الأوكرانية والمدن الرئيسية الأخرى , وهذا يتّضح ويُترجم الى عدم تزويد الأمريكان ودول الأتحاد الأوربيّ للأوكرانيين بصواريخٍ بعيد المدى ممّا يمكّنها من قصف موسكو او المدن الروسية الأخرى , حيثُ اقرب التفسيرات التحليليّة لذلك هو احتمال وجود اتفاقاتٍ سريّةٍ بين البيت الأبيض والكرملين ” وربما بمشاركةٍ مع الأليزيه والإنكليز ” حول حصر المعارك ضمن الدائرة الحدودية بين الجيشين المتحاربين , تحسّباً لإتّساع دائرة النيران الى مدياتٍ أبعد ممّا يصعب السيطرة عليها سياسياً او دبلوماسياً بجانب ما يصاحبها من تطوراتٍ عسكريةٍ غير محسوبةٍ من كلا الطرفين المتحاربين .

لم تأخذ الإدارة الأمريكية برأي ونصيحة ” هنري كيسنجر ” خلال الأسابيع القلائل التي مضت حول ضرورة إيقاف هذه الحرب خلال الشهرين القادمين , تحسّباً لإتّساع مساحاتها وأبعادها الى حربٍ عالميةٍ ثالثة , وبقدر ما أنّ الأمر يتعلّق < بشكلٍ او بآخرٍ بأنتخابات الكونغرس القادمة نسبياً ! > , لكنّه ايضاً يرتبط برؤى الرئيس الأمريكي – المريض والكبير في السّن , مقابل ما يواجه الرئيس بوتين لوحده كلّ تحديات الغرب العسكرية , وعلى صعيد إعلام الغرب والحرب النفسية المكثّفة تجاه روسيا الصامدة بإقتدارٍ لحدّ الآن .!